نقل موقع "فاتيكان نيوز"، الوسيلة الإعلامية الرسمية للكرسي الرسولي، اليوم الثلاثاء، كلمات مؤثرة قالها البابا فرنسيس لممرضه الشخصي ماسيميليانو سترابيتي، في اللحظات الأخيرة التي سبقت وفاته، حيث شكره قائلاً: "شكراً لأنك أعدتني إلى ساحة القديس بطرس"، في إشارة إلى الجولة التي قام بها الأحد في "الباباموبيلي" بمناسبة عيد الفصح، مانحًا البركة للحشود.
وجاءت هذه الجولة المفاجئة بعد صلاة التبشير الملائكي من شرفة بازيليك القديس بطرس، حين قرر البابا البالغ من العمر 88 عامًا، رغم تدهور صحته، النزول إلى الساحة ليلتقي المؤمنين ويمنحهم البركة، في مشهد رمزي وصفه كثيرون بـ"الوداع الأخير".
بحسب "فاتيكان نيوز"، فقد استفسر البابا من ممرضه قبل الجولة: "هل تظن أنني قادر على القيام بذلك؟"، فرد عليه مطمئنًا، فنهض البابا وأصر على الخروج، وعانق الجموع وبارك الأطفال، قبل أن يعود إلى مقر إقامته في بيت القديسة مارتا، حيث أمضى ما تبقى من نهاره بهدوء، وتناول عشاءً خفيفاً.
عند فجر الإثنين، وتحديداً عند الساعة الخامسة والنصف صباحاً بتوقيت روما، بدأت تظهر علامات تعب مفاجئة على البابا. تدخل الفريق الطبي المرافق له على الفور، لكنه عند الساعة السادسة والنصف، ألقى نظرة الوداع ولوّح بيده لممرضه ماسيميليانو، ثم استلقى على سريره ودخل في غيبوبة تامة، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة لاحقًا في سلام وهدوء، كما أكّد المحيطون به.
الكرسي الرسولي كان قد أعلن رسمياً وفاة البابا فرنسيس صباح الإثنين، بعد تعرضه لسكتة دماغية وقصور في عضلة القلب، علماً أنه كان قد أمضى خمسة أسابيع في المستشفى مطلع هذا العام جراء إصابته بالتهاب رئوي مزدوج.
ستُقام جنازة البابا فرنسيس صباح السبت المقبل، في ساحة القديس بطرس، بحضور رؤساء دول وممثلين عن مختلف الطوائف والديانات، إضافة إلى آلاف المؤمنين. وسيرأس القداس الكاردينال جيوفاني باتيستا ري، عميد مجمع الكرادلة، البالغ من العمر 91 عامًا.
وفي وصيته التي كُشف عنها الإثنين، طلب البابا فرنسيس بشكل غير تقليدي أن يُدفن في بازيليك القديسة مريم الكبرى بروما، بدلاً من كاتدرائية القديس بطرس حيث دفن العديد من أسلافه.
كما باشر الفاتيكان تنفيذ الطقوس التقليدية التي ترافق نهاية حبريّة أي بابا، مثل كسر "خاتم الصياد" وختم الرصاص المستخدمين لختم الوثائق الرسمية، لضمان عدم استخدامهما مجددًا.
دعا الفاتيكان جميع الكرادلة إلى اجتماع الثلاثاء لتنسيق عمل الكنيسة في المرحلة الانتقالية. ومن المنتظر أن يُعقد مجمع الكرادلة لاختيار البابا الجديد بعد 15 إلى 20 يومًا من الوفاة، ما يعني أن المجمع المغلق لن يُعقد قبل السادس من أيار المقبل.
ومن المتوقع أن يشارك في الاقتراع نحو 135 كاردينالاً لهم حق التصويت، وسط غياب مرشح بارز لخلافة البابا فرنسيس حتى الآن. ويُعقد المجمع في كنيسة السيستينا، حيث يُعلن عن انتخاب البابا الجديد عندما يتصاعد الدخان الأبيض من المدخنة.
أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي خاض مواجهات فكرية مع البابا فرنسيس خلال السنوات الماضية خصوصاً حول ملف الهجرة، أنه سيحضر الجنازة برفقة زوجته. كما أعلن رئيس الأرجنتين خافيير ميلي، وهو بلد البابا الأم، حضوره، إضافة إلى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
البابا فرنسيس، الذي تولى الحبرية عام 2013، كان أول بابا غير أوروبي منذ أكثر من 1200 عام، وأول بابا من أميركا اللاتينية. امتاز بنهجه المتواضع، وسعيه إلى الإصلاحات داخل الكنيسة، ومواقفه الداعمة للفقراء والمهمشين.