وأوضحت الزهيري أنه "ليس كل مستأجر قديم قد دفع ما يُسمى بـ"الخلو" ليتمكن من الحلول مكان المستأجر الأصلي القديم للمأجور، فالإيجارات القديمة الاستثنائية وُضعت في مرحلة معينة ولفترة زمنية محددة، بناءً على ظروف الحروب التي مرّ بها لبنان منذ عام 1944".
وأشارت إلى أن "نسبة المستأجرين غير السكني الذين دفعوا "الخلو" لا تتجاوز نسبتهم 2.8% من إجمالي الإيجارات، وفقًا لإحصاءات وزارة المالية لعام 2019 التي تظهر أن عدد الوحدات في الإيجارات غير السكنية بلغ 25 ألف وحدة، ومعظم هذه الوحدات شهدت انخفاضًا نتيجة الاستردادات بسبب الهدم أو توسيع مؤسسة لمصلحة المالك أو بناء على احكام قضائية انهت من حالة التمديدات".
وأكدت الزهيري أن "مفهوم "الخلو" كان يُستخدم تاريخيًا في الأملاك الوقفية في العديد من الدول العربية والإسلامية، قبل أن يتم اعتماده في الملكيات الخاصة، وقد تم استغلاله في بعض الحالات بشكل مضلل وغير قانوني "، لافتةً إلى أن "الخلو" يفقد مفاعيله بمجرد انتهاء الإيجارة الأصلية، مستشهدةً بتاريخ إقرار قانون أماكن الإيجارات غير السكنية في كانون الثاني 2023، ومذكرة أن آخر تمديد لمفاعيل قوانين الإيجارات الاستثنائية في الاماكن غير السكنية كان في 30 حزيران 2022".
وقالت الزهيري: "أي مستأجر قديم يزعم أنه دفع "الخلو" في مراحل سابقة يجب أن يكون قد وثق ذلك بموجب اتفاق مسجل، حيث كان يتم دفع المبلغ" الخلو" للمستأجر الأصلي، وتعد هذه الحالات نادرة للغاية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار أن المالك قد استفاد من هذه المبالغ، فغالبًا ما كان يرضى بها كحل مؤقت لتحسين مداخيله التي وبالرغم من ذلك بقيت غير متناسبة مع السعر الحقيقي للايجارة".
وأكدت الزهيري أن "من يزعم أن المالك استفاد من هذه المبالغ كان في الحقيقة ملزمًا بقبولها، إذ كانت الإيجارات القديمة ضئيلة جدًا، وكان المالك مضطراً لقبولها لتحسين وضعه المالي، لكن في النهاية، فإن أي مبلغ دفع في تلك الحقبة يجب اعتباره جزءًا من الإيجارة الممددة بالرغم ان معظم المالكين لم يستفيدوا من هذه الخلوات بشكل مباشر، وعند انتهاء العقد أو فسخه، يصبح 'الخلو' لاغيًا بانتهاء مدة العقد".
وفي تعليقها على الفوائد التي حصل عليها المستأجرون القدماء، شددت على أن "المستأجر القديم قد استفاد من عدة جوانب، سواء مباشرة أو غير مباشرة، خصوصًا من الدعم الذي وضعته الدولة عبر تمديد قوانين الإيجار القديمة طوال70 سنة، في المقابل، لم يكن للمالكين أي خيارات حقيقية لتحسين أوضاعهم في ظل تلك القوانين الاستثنائية".
كما ذكّرت بأن "المستأجرين القدماء استفادوا أيضًا من إمكانية تأجير المحلات إلى أطراف ثالثة ببدلات إيجار جديدة ومربحة واستنادا لقانون الموجبات والعقود ، في الوقت الذي كان يُدفع للمالكين بدلات رمزية للغاية أو حتى مجانية، مما أدى إلى تفاقم الوضع وخلق خلل في توازن العقد والاثراء غير المشروع والمنافسة غير المشروعة".
وتابعت الزهيري: "لا يمكن تجاهل أن المالك كان يُحرم من حقه في ملكيته بسبب تمديد العقود لأكثر من 70 عامًا ويحد من حق التصرف بملكيته الفردية، وهو ما يعرض حق الملكية إلى تعسف واضح. القوانين التي أُقرّت كانت تخدم المستأجرين على حساب المالكين، مما شكل انتهاكًا لحق الملكية الفردية وحريّة التعاقد".
وفيما يتعلق بالطعن الذي تقدمت به مجموعة من النواب أمام المجلس الدستوري بشأن دستورية قانون أماكن الإيجارات غير السكنية، أوضحت الزهيري أن "المجلس الدستوري قد أصدر قرارات سابقة تؤكد عدم دستورية التمديد المستمر لهذه الإيجارات، وأكد على أن حماية حق الملكية يجب أن تتفوق على أي مصلحة أخرى"، مشيرةً إلى أن "المجلس الدستوري في قراريه رقم 6/2014 و3/2017 أكد على عدم دستورية تمديد عقود الإيجارات الاستثنائية التي كانت تُعطي امتيازات غير مبررة للمستأجرين على حساب أصحاب العقارات".
وبرأيها فإنه "من المهم أن نكون جميعًا على دراية بآثار هذه القوانين الاستثنائية، وأن نسعى لإصلاح هذا الوضع الذي أضرّ بحقوق الملكية وأدى إلى عدم التوازن في الحقوق والواجبات العقدية . الآن، حان الوقت لإنهاء معضلة الإيجارات القديمة، وهو ما يجب أن يكون جزءًا من الإصلاحات اللازمة لمستقبل لبنان".
وأوضحت الزهيري أيضًا موقفها مستعينةً بما يقوله الفقه القانوني الفرنسي: "Le contrat, est en effet, en général un instrument de la propriété. C’est par le truchement du contrat que l’on use du droit de propriété par la vente, la location ou la succession. Le droit des contracts dérivé du droit de propriété œuvre en faveur des propriétaires en offrant une théorie générale fondée sur la reconnaissance de certains droits naturels".
وشدّدت، على أن "المجلس الدستوري اللبناني قد أكد مرارًا وتكرارًا على ضرورة الحفاظ على مبدأ حرية التعاقد وحق الملكية، لذا، لا نعتقد أن المجلس الدستوري سيتراجع عن قراراته السابقة أو يخرق الدستور، أو سيناقضها ويتعارض معها خصوصًا فيما يتعلق بحق الملكية الفردية، كما تنص عليه الفقرة ومن مقدمة الدستور وأحكام المادة 15 منه".
وختمت الزهيري، قائلة: "الوقت قد حان لإصلاح قوانين الإيجارات القديمة وإنهاء هذه المعركة التي طال أمدها، من أجل تحقيق توازن قانوني يُحترم فيه حق الملكية الفردية، هذا هو المدخل الحقيقي للإصلاح والنمو في لبنان".