مع رحيل البابا فرنسيس، تستعد الكنيسة الكاثوليكية ومجمع الكرادلة للاجتماع في الفاتيكان في لقاء سيرسم معالم مستقبل الكنيسة.
إذ لن يقتصر اختيارهم على تسمية البابا الجديد فحسب، بل سيحدد أيضاً مسار الكنيسة وتواصلها مع رعيتها.
يتبع في انتخاب البابا تقاليد الفاتيكان العريقة، حيث يُصوّت مجمع الكرادلة، الذي يتألف من أشخاص تقل أعمارهم عن 80 عاماً، في اقتراع سري داخل كنيسة سيستين. ويتطلب انتخاب بابا جديد أغلبية الثلثين. وفي حال عدم التوصل إلى توافق، تستمر جولات تصويت إضافية حتى يظهر مرشح يحظى بالدعم اللازم.
أما عندما لا تتوصل جولة تصويت إلى توافق، فتُحرق بطاقات الاقتراع، ويتصاعد الدخان الأسود من مدخنة كنيسة سيستين، مُشيرًا إلى استمرار اجتماع الكرادلة.
لكن عندما يظهر الدخان الأبيض، يُعلن عن اختيار بابا جديد.
ومع تزايد التكهنات، برز عدد من الكرادلة رفيعي المستوى كأبرز المرشحين. فوفقاً لمراقبين، لهؤلاء المرشحين التاليين أقوى حظوظ في الفوز، وفق ما نقلت مجلة "نيوزويك"، اليوم الإثنين:
_الفلبيني لويس أنطونيو تاجلي، يُعتبر الكاردينال لويس أنطونيو تاجلي، البالغ من العمر 67 عاماً، المرشح الأوفر حظاً حالياً في المراهنات بنسبة 3:1، وهو مرشح قوي لمواصلة أجندة البابا فرنسيس التقدمية.

ويتمتع تاجلي، وهو من الفلبين، بخبرة واسعة في قيادة مجمع تبشير الشعوب، وكان شخصية موثوقة في الدائرة المقربة للبابا فرنسيس.
_الإيطالي بييترو بارولين، بفارق أربعة أصوات، يُعدّ الكاردينال بييترو بارولين، البالغ من العمر 70 عاماً، أحد أكثر مسؤولي الفاتيكان خبرة.

فقد لعب، بصفته وزير خارجية الفاتيكان منذ عام 2013، دوراً محورياً في الشؤون الدبلوماسية، بما في ذلك مفاوضات حساسة مع الصين وحكومات الشرق الأوسط.
كما يُنظر إليه على أنه مرشح لاهوتي معتدل، قادر على توفير الاستقرار مع الحفاظ على بعض إصلاحات البابا فرنسيس، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع بيروقراطية الفاتيكان تجعله منافساً قوياً لمن يفضلون الاستمرارية.
_الغاني بيتر توركسون، يُعدّ الكاردينال بيتر توركسون، البالغ من العمر 76 عاماً، والذي تبلغ احتمالات فوزه حالياً 5:1، شخصيةً بارزة في دوائر العدالة الاجتماعية في الكنيسة.

وبصفته الرئيس السابق لدائرة تعزيز التنمية البشرية المتكاملة، كان توركسون صريحاً في قضايا مثل تغيّر المناخ والفقر والعدالة الاقتصادية.
وفي حال انتخابه، سيمثّل لحظةً تاريخية كأول بابا أفريقي منذ قرون، إذ كان آخر بابا أفريقي هو البابا جيلاسيوس، الذي خدم بين عامَي 492 و496 ميلادية، وولد في روما لأبوين أفريقيين، واشتهر بكتاباته اللاهوتية ودفاعه عن الأعمال الخيرية والعدالة للفقراء.
_الهنغاري بيتر إردو، الكاردينال بيتر إردو، البالغ من العمر 72 عاماً، يُعد مرشحاً محافظاً بارزاً، وتبلغ نسبة فوزه حالياً 6:1.

وهو باحث مرموق في القانون الكنسي، وكان من أشد المدافعين عن التعاليم والعقائد الكاثوليكية التقليدية.
كما شغل سابقاً منصب رئيس مجلس مؤتمرات الأساقفة الأوروبيين، ويُعد خياراً لمن يفضلون العودة إلى النهج المحافظ الذي تبنّاه البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بنديكتوس السادس عشر.
_الإيطالي أنجيلو سكولا، بنسبة 8:1، يُعد الكاردينال أنجيلو سكولا، البالغ من العمر 82 عاماً، مرشحاً بابوياً بارزاً.

وكان من بين الأوفر حظاً في اجتماع عام 2013 الذي انتخب البابا فرنسيس.
ويتمتع سكولا، رئيس أساقفة ميلانو السابق، بجذور لاهوتية عميقة، ويحظى بقبول واسع من أنصار كنيسة أكثر مركزية وتسلسلاً هرمياً، لكن عمره قد يشكّل عاملاً سلبياً.
يبدأ المجمع البابوي عادةً بعد 15 إلى 20 يوماً من وفاة البابا، ما يسمح بإقامة مراسم الجنازة، وفترة حداد لمدة تسعة أيام تُعرف باسم "النوفيميال"، ويتيح للكرادلة من مختلف أنحاء العالم التوجّه إلى مدينة الفاتيكان.
وحتى اللحظة الأخيرة، تبقى النتيجة غير مؤكدة، إذ سيجري تقييم المرشحين خلف أبواب كنيسة سيستين المغلقة، ضمن فصائل أيديولوجية تتأرجح بين خيار الاستمرارية وخيار التحول المحافظ.
وسيرث البابا القادم كنيسة على مفترق طرق، كنيسة تُصارع تراجع نفوذها في أوروبا وأميركا الشمالية، وتواجه في المقابل نمواً متسارعاً في جنوب العالم، إضافة إلى نقاشات داخلية مستمرة حول مستقبلها، بحسب مراقبين.