خاص ليبانون ديبايت

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الاثنين 21 نيسان 2025 - 12:15 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

كلفة عدم توقيع اتفاق مع صندوق النقد منذ 2022 باهظة

كلفة عدم توقيع اتفاق مع صندوق النقد منذ 2022 باهظة

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي


ليس تفصيلًا أن يُحمّل نائب رئيس الحكومة السابق الدكتور سعادة الشامي، في بيان له، "الإرادة السياسية المرتبطة عضوياً بمجموعات الضغط والمصالح الخاصة المتضررة من مسار الإصلاح"، مسؤولية عدم توصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، رغم مرور ثلاث سنوات على توقيع الاتفاق على مستوى الموظفين في السابع من نيسان 2022، لافتًا إلى أن "الحكومة الحالية تعود، في مقاربتها، إلى المبادئ نفسها التي بُني عليها ذلك الاتفاق"، متمنيًا "ألا تمر ثلاث سنوات أخرى من دون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. فهل من يتّعظ؟"


تكمن أهمية كلام الشامي في كونه كان رئيس الفريق المكلّف بإجراء المباحثات مع الصندوق، وهو مطّلع على كل الممارسات التي أدت إلى حالة المراوحة التي عاشها الاقتصاد والمودعون، منذ اندلاع الأزمة، لا منذ العام 2022 فقط. لذلك من المفيد البحث في كلفة هذه المراوحة التي تكبّدتها الدولة اللبنانية والمودعون أيضًا، وما الضمانات التي تمنع تكرار هذه الممارسات من قِبل مجموعات الضغط وأصحاب المصالح الخاصة الذين تحدّث عنهم الشامي؟


رياشي: الاقتصاد دفع الثمن الأكبر

يشرح رئيس مجلس إدارة I&C Bank المصرفي جان رياشي لموقع "ليبانون ديبايت" أن "الثمن الأكبر للمماطلة في توقيع لبنان اتفاقًا مع صندوق النقد، دفعه الاقتصاد اللبناني، ثم المودعون بشكل غير مباشر. فعدم وجود قطاع مصرفي منذ سنوات، وغياب التمويل الخارجي، أثّرا سلبًا على الوضع الاقتصادي، فيما المودعون في حالة انتظار، وفرصهم حاليًا أكبر لاسترداد ودائعهم مع تحسن أسعار الذهب الموجود في مصرف لبنان".

ويُوضح أن "تضرر الاقتصاد نتج عن غياب تمويل المشاريع، ومعالجة أوضاع الكهرباء، وملفات أخرى، جميعها بقيت في حالة مراوحة بسبب الشلل الذي يعتري القطاع المصرفي، ما يمنع تمويل القطاع الخاص (قروض سكنية، قروض تجزئة، قروض للشركات). وطالما لا اتفاق مع صندوق النقد ولا إعادة هيكلة للقطاع، لا يمكن أن تعاود المصارف عملها المعتاد".

ويضيف: "المودعون لم يتضرروا بشكل مباشر، بل تضرروا بشكل غير مباشر من حالة الانتظار، وكان بالإمكان تقليص هذه المدة، خصوصًا بالنسبة للمودعين المتقدمين في السن، الذين يتكلون على ودائعهم للعيش بكرامة، ولكن لا خسارة في قيمة الودائع نتيجة عدم التوقيع".


وعن إمكانية تكرار المماطلة، يجيب رياشي: "هناك لوبي قوي جدًا ضد الاتفاق، وضد إقرار قانون السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف تحديدًا. صحيح أن الوضع تغيّر قليلًا من جهة أن الضغوط الدولية باتت مباشرة، ومن جهات كان يُعتقد أنها غير معنية، لكن زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس الأخيرة أظهرت أنها كانت واضحة مع المعنيين بالشأن المالي، بأن الولايات المتحدة مهتمة برفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، وإلا فلا شراكة أو تعاون إذا لم يُنفذ لبنان هذه الإصلاحات. وبالتالي، الضغط ازداد على هذه الفئة، ولم يعد لديها الأمل بأن أطرافًا خارجية يمكن أن تكون حليفًا لمنع هذه الإصلاحات".

ويختم: "ليست كل المصارف ضد توقيع الاتفاق، بل قسم منها، وهناك جزء من السياسيين أيضًا، وإعلام يتحدث بطريقة مباشرة أو مبطنة أن الاتفاق ليس مهمًا ولم يحن وقته، والمهم بالنسبة إليهم مصالحهم الخاصة وليس مصلحة لبنان. فجاءت زيارة مورغان لتؤكد أن الإصلاحات مطلوبة وبسرعة".


قزح: ثمن المراوحة فادح منذ 2017!!

من زاوية أخرى، يجيب الخبير المصرفي ميشال قزح لموقع "ليبانون ديبايت": "المشكلة بدأت في العام 2017. فلو لم تحصل آنذاك الهندسات المالية وتمّت الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد، لكان سعر الدولار نحو 3000 ليرة لبنانية. وحتى في العام 2020، وفي ظل حكومة الرئيس حسان دياب التي وضعت خطة إصلاحية بالاتفاق مع صندوق النقد، لما تجاوز سعر الدولار 5000 ليرة، وكان بالإمكان رد 98 في المئة من الودائع، أي كل الودائع التي تقل عن 500 ألف دولار كانت ستُرد كاملة".


ويضيف: "عند حصول أزمة مالية، يجب اتخاذ إجراءات سريعة جدًا، وإلا نكون أمام حالة تمدد مرضي للأزمة ويصبح العلاج أصعب وأكثر إيلامًا. أي، بدل معالجة جزء من الأزمة، يصبح من الضروري معالجة عدة أجزاء. وهذا ما حصل في لبنان، حيث تفشّت الخسائر، وأمعنت المنظومة السياسية–المصرفية في عدم القيام بأي معالجة، ما كلّف البلد كثيرًا".


ويؤكد قزح أنه "منذ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وحتى اليوم، أي خلال ثلاث سنوات، تمّ هدر أكثر من 6 مليارات دولار (خسائر منصة صيرفة، العجز في ميزان المدفوعات الذي كان يُغطى من احتياطي المركزي، دعم الكهرباء)". ويتابع: "ما يشفع لنا اليوم أن الخسائر التي تكبدها مصرف لبنان منذ العام 2020 وحتى اليوم، يمكن تغطيتها من خلال ارتفاع سعر الذهب عالميًا. والمهم اتخاذ قرار باستخدام جزء من هذا الذهب لإعادة الودائع، وهناك طريقتان: إما عن طريق 'تأجير' جزء منه لمصارف عالمية، ما يؤمن مردودًا بمئات الملايين سنويًا تُوضع في صندوق استرداد الودائع، أو بيع جزء منه لردّ أموال صغار المودعين دفعة واحدة".


ويضيف: "الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة كان يراهن على استعمال الذهب لردّ الودائع، وقد قام بتوزيع الخسائر على أربعة أطراف: الدولة 16 مليار، مصرف لبنان 16 مليار، المصارف 16 مليار، والمودعون 16 مليار. وإدارة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري كانت لديها التوجّه نفسه". ويختم باعتقاده أن "الجميع عليه تقديم التضحيات، علمًا أن المصارف تحاول التملّص من توزيع الخسائر، ولكن يجب إجبارها على ذلك. وكذلك الدولة، كونها المسبّب الأساسي للأزمة نتيجة الهدر في إداراتها بشكل لا يُعدّ ولا يُحصى. وبعد إلغاء السرية المصرفية، يجب تحميل المودعين الذين استفادوا من الهندسات المالية جزءًا من الخسائر أيضًا".

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة