نشر موقع "ناشونال إنترست" الأميركي مقالاً تحليليًا اعتبر أن امتلاك إيران للسلاح النووي قد لا يمنحها الأمان، بل قد يفتح أمامها أبواب مخاطر لا تنتهي، على المستويات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية.
المقال، الذي أعدّه جون ألين غاي، مدير التحرير السابق للموقع، خلُص إلى أن السلاح النووي وحده لا يُنتج الردع، بل يتطلب شبكة متكاملة من القدرات التقنية والعسكرية التي تفتقر إليها إيران، مضيفًا أن خيار تجنّب تصنيع القنبلة يبقى الأفضل لطهران.
وحذّر غاي من أن امتلاك طهران لسلاح نووي سيطلق سباق تسلّح إقليمي لا تستطيع مجاراته، ويضعها أمام تحديات تفوق قدراتها التقنية والمالية. وأوضح أن القنبلة بحد ذاتها ليست كافية، بل يتوجب على إيران تطوير ترسانة متكاملة، تشمل أنظمة قيادة وسيطرة، وقدرات إطلاق متعددة، وإنذارات مبكرة، ودفاعات صاروخية، وهي استثمارات ضخمة ترهق حتى الدول المتقدمة، فكيف بدولة تواجه عزلة دولية وأزمات اقتصادية خانقة؟
وأشار الكاتب إلى أن إيران تقف منذ سنوات عند مفترق حاسم: هل تمضي نحو القنبلة أم تتجنّبها؟ ووفق مقاله، فإن المعضلة لا تنتهي بالحصول على القنبلة، بل تبدأ عندها، لأن إيران ستُجبر على الدخول في معادلات ردع نووي معقّدة، وسط شكوك دولية بقدرتها على إدارتها.
ورأى غاي أن جوهر الردع النووي يقوم على إقناع الخصم بأنك مستعد لاستخدام السلاح النووي حتى لو كان الثمن فناؤك، وهذا – برأيه – أمر يصعب على إيران إقناع العالم به، خصوصًا أنها – رغم خطابها الراديكالي – غالبًا ما تتصرّف بعقلانية في الأزمات الكبرى، كما حدث بعد اغتيال قاسم سليماني، أو في تعاملها مع الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
وأكد الكاتب أن قدرات إيران التقليدية والاستخباراتية ما زالت أقل بكثير من قدرات إسرائيل والولايات المتحدة، وأن أبرز ما تملكه – كصواريخها الباليستية – لم يظهر فعالية تُذكر في المواجهات الأخيرة، حيث لم تُسفر عن نتائج تُغيّر المعادلات.
وذكر أن الردع النووي لا ينجح من دون "سلم تصعيد" متكامل، من العمليات السرية والاستخباراتية إلى الهجمات التقليدية، وصولاً إلى التهديد النووي، وهو ما لا تملكه إيران بشكل فعلي.
ونوّه المقال إلى مفارقة مثيرة: فامتلاك إيران لقنبلة بدائية قد لا يردع خصومها، بل قد يدفعهم إلى ضربها مبكرًا، كما فعلت إسرائيل سابقًا في العراق وسوريا. وأشار إلى أن لحظة امتلاك إيران قنبلة "غير جاهزة" قد تُغري بشنّ ضربة استباقية لتدمير منشآتها قبل أن تكتمل قدرتها على الردع.
وختم غاي مقاله بالتشديد على أن القنبلة، حتى لو كانت قادرة على تدمير مدن أو قواعد، لا تُجدي في مواجهة العقوبات، أو الغارات المحدودة، أو عمليات اغتيال العلماء. واعتبر أن هذه "الاستنزافات البطيئة" لا يمكن الرد عليها بسلاح نووي من دون المخاطرة بانتحار شامل.