"ليبانون ديبايت" - روني ألفا
كاتِبُ هذه السطور داعيةُ حوار. على الأقل ينصفه الصدقُ وإن فاتَه تحقيقُ المأرب. لا لشيءٍ إلا لأنَّ الحوارَ في لبنان محفوفٌ بسيكولوجيّة الحذف. أن تحذُف هو أن تُجدِّف. أحذُف الآخر تتحوَّل إلى تَمساح. التماسيح تأكل صِغارَها حينَ تجوع.
في تاريخنا الوطني مئاتُ التماسيح من رؤساء دين ودنيا اعتنقوا الحذف. حذفُ الآخر أو قُل حذفَ الذات كون الآخَر في طبيعته المختلفة جزءٌ من البحثِ عن الذات.
يضيعُ الكثير من منتحلي السياسة في لبنان حينما يرفضون أن يشبهه الآخرون. الآخرون في وجدان الحاذِف خطرٌ وجوديٌ على شعوره بالفرادة. هذه هي طبيعة الغربة التي يعيشها دعاةُ الحوار في لبنان. هم مِن فصيلة مواطنين خارج مواطنة الحاذِفين. لذلك هم في خانة الذميين.
المسيحي الذي يقبل المسلم ذمّيٌّ بنظر أولئك التماسيح. المسلمُ مرتدٌّ بنظر أترابه التماسيح أيضًا.
أن تقول أنَّ الشيعيَّ والسنّي هم أشباهٌ لك ممنوع. إعترف انك من نسلٍ أشرف تُغفَر لك خطاياك السياسية. السوسةُ تكمنُ في التفوق العرقي. لا فرق حين تدنو إلى هذا القعر بين العرق الآري بالمنظور الهتلري وبين الوجدان الديني المريض في داخل الانتماء الديني الحاذِف. إحمِلْ نعشَ المسيح في الجمعة العظيمة على كتفيك ونعشَ الحسين في قلبِك هذا لا يحنّبَك الذميَّة. لا تحبّوا بعضُكم بعضًا كما المسيحُ أحبّكم. أَحِبوا بعضكم بعضًا فقط من ملّتكم. المسيحيةُ التي تعانقُ الإنسانيةَ وتناصرُ المظلومَ والمكلومَ لا تتوافقُ مع آريَّةِ الطوائف المغلقة على أحقادها. كيف يمكن لهؤلاء الذين يقولون ان إسرائيل عدو أن يكونوا صادقين وهم يقولون أن المظلوم لا يشبههم.
حرب إسرائيل على كل اللبنانيين. على الذين يعترفون بالآخر وعلى الذين لا يعترفون. ما غرّدت به أورتاغوس ضد الزعيم وليد جنبلاط قد تغرّده ضد الدكتور سمير جعجع وضد أي مسؤول لبناني. ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء لا بل ضد كل مواطن لبناني إلى أي دين أو طائفة انتمى.
نتلهى بالحذف فيما العدو الاسرائيلي يريد حذفَنا. اليوم الشيعة في المرمى. حذفُهم يحذفُني لا بل يحذفُنا جميعًا. يستكملُ العدو حذفَهم عبر منع اعادة اعمار بيوتهم. لا نستبعدُ ان يكون خلف رفع السرية المصرفية عدوانُ تموزٍ جديد لحذفهم عن الاقتصاد الوطني بحجة وقف التبييض والتهريب. غدًا سيدخل العدو بتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى كل مداخيل الشيعة. حتى مزارعو التبغ سيقولون لهم من أين لكم هذا. على الطريق ستكون كل أرصدة اللبنانيين مكشوفة للعدو. الأفراد والشركات ستكون هي أيضًا مكشوفة. يراد للبنان أن يصبح أضعف دولة في العالم. دولة ستتلهى بالترويج للعرق الآري من هنا وللعرق المرتد من هناك.
بوسطة عين الرمانة على وحشية ما ترمز اليه ستتحول إلى حمامة سلام بالمقارنة مع البوسطة التي تجهزها إسرائيل.
بدل التركيز على قوة لبنان وتسليح جيشه وتوطيد وحدته الوطنية نتلهى نحن الذين نتشدق بأننا رسالة بتوطيد عروقنا الآرية. لبنان الآري قبل أن يتصهين من جهالتنا سيمرُّ بمعمودية نار جديدة. معمودية لن ينتج عنها غفران خطايا. معمودية حارقة إن لم نقرأ جيدًا تغريدة أورتاغوس ستلتهم أخضرنا ويابِسنا.
هنيئًا لبعضكم لبنان الآري.. لا نريده ومردود مع الشكر من "الذمّي" كاتب هذه السطور!
الـــمــــزيــــــــــد
