زار وفد من الكونغرس الأميركي العاصمة السورية دمشق، حاملاً ما وُصف بـ"رسائل سياسية مباشرة"، في زيارة غير اعتيادية تزامنت مع متغيرات إقليمية متسارعة، لا سيما في ما يخص الدفع باتجاه توسيع ما يُعرف بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية" وتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.
وقال عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز، في تصريح لقناة "سكاي نيوز عربية"، إن توسيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام يُعد من أولويات إدارة الرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية، مشيراً إلى أن "الأنظار تتجه إلى سوريا في هذه المرحلة الدقيقة". وأضاف: "نحن هنا لفهم احتياجات الشعب السوري، والتواصل مع القيادة الجديدة حول مستقبل البلاد بعد نظام الأسد، وأهمية وجود حكومة حرة منتخبة ديمقراطيًا"، مشدداً على أن "الاستقرار في الشرق الأوسط يمثل أولوية للإدارة الأميركية".
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع معلومات نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، كشفت فيها عن إضافة الإدارة الأميركية شرطًا جديدًا ضمن قائمة مطالبها من دمشق، يتمثل في طرد الفصائل الفلسطينية من الأراضي السورية، كجزء من شروط أي انفتاح دبلوماسي أو رفع جزئي للعقوبات الأميركية.
في السياق، أوضح المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري، أن "الشروط الأميركية تجاه سوريا لا تزال على حالها"، وتشمل:
نزع الأسلحة الكيماوية،
تقديم معلومات عن الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس،
مكافحة الجماعات المسلّحة،
والشروط المستجدة حول الفصائل الفلسطينية.
واعتبر جيفري أن بعض هذه الشروط "تعجيزية وغير واقعية" وتُستخدم كأوراق ضغط لإبقاء دمشق تحت وطأة العقوبات، مشيرًا إلى أن الإدارة الأميركية الحالية "لا تملك موقفًا موحدًا" حيال الملف السوري، مع وجود تيارات داخل البيت الأبيض "تُفضّل إبقاء سوريا دولة ضعيفة ومنقسمة".
وفي ظل الحديث المتصاعد عن احتمال إدراج سوريا في الاتفاقيات الإبراهيمية، تؤكّد المعطيات الميدانية أن دمشق ما زالت ترفض ربط أي انفتاح سياسي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، من دون الحصول على ضمانات تتعلق بانسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران 1967، ووقف الضربات الجوية التي تطال الأراضي السورية بين حين وآخر.
وفي حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، شدد الباحث السياسي السوري عبده زمام من دمشق، على أن "القيادة السورية الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع، لا تمانع الانخراط في تفاهمات إقليمية، لكنها ترفض منطق التنازلات المجانية". وأضاف أن الرئيس الشرع "عبّر بوضوح، في أكثر من مناسبة، عن رفضه التفاوض في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية".
ميدانيًا، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، أن واشنطن بدأت بسحب مئات الجنود الأميركيين من شمال شرق سوريا، وأغلقت 3 قواعد تشغيلية من أصل ثماني، في خطوة وصفت بـ"إعادة التموضع".
وبحسب الخطة الأميركية، فإن خفض عدد القوات سيتم خلال 60 يومًا، من دون تحديد جدول زمني لانسحاب كامل، وسط تحذيرات من فراغ أمني قد تستغله الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم "داعش".
وأكد جيفري أن "واشنطن لن تغادر سوريا بالكامل"، لافتًا إلى أن القوات الأميركية ما تزال تلعب دورًا مركزيًا في دعم الاستقرار في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، ومنع عودة نشاط التنظيمات المسلحة.
وتجد دمشق نفسها أمام منعطف دقيق، في ظل ارتفاع منسوب الضغوط الأميركية من جهة، وسعيها لتعزيز انفتاحها الإقليمي والعربي من جهة أخرى. ويرى مراقبون أن إدارة ترامب قد تعتمد مقاربة أكثر وضوحًا من إدارة بايدن، لجهة تحديد الأولويات الأميركية، لكنها ستكون أيضًا أكثر حزمًا في فرض الشروط.