يتحضّر لبنان الرسمي للمشاركة في اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025، والتي ستُعقد بين 21 و26 نيسان الجاري في العاصمة الأميركية واشنطن، من خلال وفد موحّد يضم كلًا من وزيري المالية ياسين جابر، والاقتصاد عامر البساط، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، إلى جانب عدد من الخبراء والمختصين.
ويُعدّ هذا التطور لافتًا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث كانت الوفود اللبنانية تصل متفرقة إلى الاجتماعات، وفد يمثّل الحكومة وآخر مصرف لبنان، وكان كلّ منهما يعقد لقاءاته بشكل منفصل.
في السياق العام، ستجمع الاجتماعات قادة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، لبحث حلول مباشرة للتحديات العالمية الراهنة. وتشمل الفعاليات الرئيسية اجتماع لجنة التنمية واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، إضافة إلى منتديات وندوات تركّز على قضايا التنمية الدولية والاقتصاد العالمي والأسواق المالية، بحسب بيان رسمي صادر عن الصندوق.
بالنسبة إلى لبنان، من المفترض أن يعرض الوفد الرسمي “خطة الحكومة الإصلاحية الاقتصادية والمالية” التي جرى إعدادها، إلى جانب “رسائل إيجابية” موجهة إلى المجتمع الدولي والعربي المشارك في الاجتماعات. وتشمل هذه الرسائل إقرار قوانين إصلاحية، مثل التعديلات على قانون السرية المصرفية، التي من شأنها تعزيز الرقابة على مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وكذلك إقرار قانون تنظيم المصارف، الذي يُعدّ خطوة أساسية في معالجة قضية حقوق المودعين، وإطلاق قطاع مصرفي أكثر شفافية ومصداقية بعد التجربة القاسية التي شهدها لبنان.
ويحمل الوفد اللبناني، بحسب وزير المالية، “عرضًا علميًا دقيقًا لما يجري في لبنان من مشاريع إصلاحية”، إضافة إلى تصوّر شامل لمسار الإصلاحات التي يتم تطبيقها حاليًا.
أهمية استثنائية لاجتماعات 2025
تعَدّ اجتماعات هذا العام منصّة عالمية حيوية تجمع محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديميين، لمناقشة تحديات اقتصادية ضاغطة، من أبرزها الاستقرار المالي، النمو الاقتصادي، التجارة الدولية، ومكافحة الفقر.
وتكتسب نسخة عام 2025 أهمية استثنائية بسبب تصاعد أزمة الرسوم الجمركية، إلى جانب التوترات الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية للإدارة الأميركية الجديدة، بالإضافة إلى ملفات شائكة مثل تغير المناخ، التحول الرقمي، وأزمة الديون في الاقتصادات النامية.
تُشكّل الاجتماعات أيضًا فرصة حاسمة لمحاولة فكّ الاشتباك العالمي بشأن الرسوم الجمركية، بعد فرض الولايات المتحدة تعريفات مرتفعة على الصين وصلت إلى 145 بالمئة، وعلى شركاء تجاريين آخرين بنسبة 10 بالمئة. ومن دون تسوية لهذه الأزمة، يُخشى من تعطيل سلاسل التوريد العالمية، وزيادة معدلات التضخم، وإبطاء وتيرة النمو الاقتصادي، خصوصًا في الأسواق الناشئة.
الأرقام تحذّر
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن استمرار السياسات الحمائية قد يؤدي إلى تراجع النمو العالمي بنسبة تتراوح بين 0.5 و1 بالمئة بحلول عام 2026، مع تأثيرات مضاعفة على الاقتصادات المعتمدة على التصدير، مثل دول جنوب شرق آسيا. وعليه، تُعدّ الاجتماعات فرصة لطرح استراتيجيات تخفيفية، إلى جانب دعوات لإصلاح منظمة التجارة العالمية وتعزيز التجارة الحرة.
الملفات الأساسية المطروحة على الطاولة
من المتوقع أن تناقش الاجتماعات المواضيع التالية:
• تحديث توقعات النمو العالمي: إصدار تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” مع توقّعات بنمو يتراوح بين 2.5 و3 بالمئة لعام 2025، مع تحذيرات من تباطؤ محتمل.
• الاستقرار المالي: بحث تقرير “الاستقرار المالي العالمي” لتقييم مخاطر التقلبات في الأسواق وارتفاع الفوائد.
• إصلاح النظام التجاري العالمي: مناقشة سبل تعزيز دور منظمة التجارة العالمية في مواجهة السياسات الحمائية.
• التحديات طويلة الأجل: مثل تغير المناخ، التحول الرقمي، وأزمة الديون في الدول النامية.
• التجارة الدولية: تشجيع الحوار متعدد الأطراف لتفادي اندلاع حروب تجارية جديدة.
• دعم الاقتصادات الضعيفة: عبر تقديم تمويل ميسّر وجدولة للديون.
• الاستدامة البيئية: التركيز على الطاقة المتجددة والتكيّف مع التغير المناخي.
• التحول الرقمي: دعم الشمول الرقمي وتطوير أطر تنظيمية للذكاء الاصطناعي.
• الاستقرار الاجتماعي: تعزيز أسواق العمل وشبكات الأمان الاجتماعي للحد من الفجوات الاجتماعية.