في هذا الإطار، يذكر أستاذ حل النزاعات الإقليمية والدولية والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور علي الأعور من القدس المحتلة، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنه قبل يومين، كان هناك تفاؤل كبير بقبول حركة حماس للمقترح المصري، وهو الإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء، ويقابلهم تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين الذين قُتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي على غزة، لكن فجأة، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقترحًا آخر يطالب فيه بنزع سلاح حركة حماس، أي نزع سلاح المقاومة، ومن ثم فشلت كل الجهود التي كانت، رغم صعوبتها، أقرب بكثير إلى تحقيق صفقة تبادل الأسرى.
لكن، المسألة التي برزت، وفق الأعور، ما هي أهداف نتنياهو؟ وماذا يريد الإسرائيليون؟ وتقديره، نتنياهو لن يتوقف عند استعادة الأسرى الإسرائيليين، فلم يعد هدف إعادة أو تحرير الأسرى الإسرائيليين، أو صفقة تبادل الأسرى من أجل إعادتهم إلى تل أبيب، على رأس أولويات نتنياهو، وليست هدفًا من أهدافه على الأقل في هذه المرحلة. وبالتالي، نحن الآن عدنا إلى المربع الأول.
ويلفت إلى أن نتنياهو، منذ أكثر من شهر، لم يتقدم إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، بعد أن خرق اتفاق الهدنة. وكان من المؤكد جدًا أن نتنياهو لن يعود إلى المرحلة الثانية، وذلك لاعتبارات سياسية داخلية تتعلق بحساباته، ومنها إعادة بن غفير للمصادقة على قانون الموازنة.
ويشير إلى أن الضربة الأولى للهجوم الإسرائيلي بعد خرق الهدنة أسفرت عن 450 شهيدًا في أقل من ساعة، إذًا، هناك سياسة جديدة يتبعها نتنياهو، والعالم يقف عاجزًا أمام سلوكه وأمام سياسة إسرائيل. أوروبا عاجزة، أوروبا صامتة، والولايات المتحدة الأمريكية تمنح إسرائيل الضوء الأخضر.
ولكن السؤال المركزي الذي يطرحه، ما هو الحل؟ ما هو العمل؟ وكيف يمكن وقف هذا التوحش الذي يقوده نتنياهو بعد تدمير غزة وسقوط آلاف الشهداء وغالبيتهم من النساء والأطفال؟ لذلك، فإنه يعتبر أن على حركة حماس أن تسجل اختراقًا سياسيًا، وعليها أن تقرأ المشهد الفلسطيني بشكل جيد، وأن تعيد المراجعة السياسية الكاملة، وبتقديره أن المرحلة عنوانها الخطاب السياسي.
هذه المرحلة، كما يوضحها، أنه بعد قصف الجنوب اللبناني وسقوط نظام الأسد، فإن إسرائيل برأيه بدأت ترسم ملامح الشرق الأوسط الجديد، وبالتالي قبول حزب الله بنزع سلاحه وأن يصبح جزءًا من المنظومة السياسية في لبنان تطور مهم جدًا، واستعداده لأن يبقى في العمل السياسي هو تطور كبير، وعلى حركة حماس أن تقرأ المشهد جيدًا.
والمطلوب من حماس، يلخصه الأعور، برسالة يوجهها إلى رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خليل الحية، وهو أن تتحول حركة حماس إلى حزب سياسي، ونزع منظومة الصواريخ التي تملكها، ولا يتعلق الأمر بالأسلحة الخفيفة، واستعداد حركة حماس إلى الاعتراف الكامل بكافة قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
إذًا، برأيه، على حركة حماس أن تسجل اختراقًا سياسيًا وأن تقدم مناورة سياسية من أجل وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وهو ما يريده الإسرائيلي، لا سيما أن نتنياهو يبحث اليوم عن نصر، ولا يهتم أبدًا بمصير الأسرى الإسرائيليين.
كما على الحية، وفق الأعور، ألا يهتم بالتصريحات النارية والبروباغندا الإعلامية من فضائيات التي تتحدث عن الصمود، فلا مجال اليوم للصمود، فهناك أطفال يُقتلون يوميًا، وإبادة جماعية في القطاع يجب إيقافها من خلال حركة حماس.
ودعا حماس إلى تقديم هذه المبادرة السياسية، وأن تسجل الاختراق السياسي، وهذا من الممكن أن يوقف التوحش، لذلك الكرة الآن في ملعبها.
ولكنه يسأل: "هل سيكتفي نتنياهو بذلك؟" ويقول: "نعم، لأن الجمهور الإسرائيلي يريد استعادة الأسرى الآن، وعندما تتحدث حماس عن مبادرة سياسية تضع نتنياهو على المحك"، وينبه إلى أنه حتى هذه اللحظة، المظاهرات في تل أبيب، وسلاح الجو وضباطه، والرسائل الموقعة بوقف الحرب، لم تؤثر على نتنياهو، وبالتالي على الحركة أن تقدم اختراقًا سياسيًا أمام العالم في مؤتمر صحافي لتضعه على المحك، أقله أمام المجتمع الإسرائيلي الذي يضغط لاستعادة الأسرى.
وبتقديره، فإن حركة حماس سوف تقبل بالمقترح المصري، وسوف تقبل أيضًا بنزع سلاح المقاومة، وقراءة موضوعية لهذا لن تكون استسلامًا، بل هو الخيار الأسلم للحفاظ على حركة حماس وتحولها إلى حزب سياسي من أجل شراكة سياسية فلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وبذلك تحافظ على وجودها في غزة وتشارك في إدارة الحكم فيها وإعادة إعمارها.