عقدت الهيئات الاقتصادية، برئاسة الوزير السابق محمد شقير، اجتماعًا موسّعًا مع وزير الطاقة والمياه جوزاف صدي في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، خُصّص للبحث في واقع قطاع الكهرباء وخطط الوزارة المستقبلية. وشكّل اللقاء مناسبة لعرض التحديات المزمنة والحلول المطروحة، سواء على مستوى زيادة الإنتاج، معالجة كلفة الكهرباء، وقف التعديات على الشبكة، أو الدفع باتجاه الطاقات المتجددة، إضافة إلى ملف التنقيب عن النفط والغاز.
في مستهل اللقاء، اعتبر محمد شقير أن الاجتماع مع الوزير صدي "يشكّل محطة بالغة الأهمية"، واصفًا ملف الكهرباء بأنه "مصيري نظرًا لما سبّبه من معاناة وخراب لكل اللبنانيين".
وأضاف، "لن أستفيض في الحديث عن الخسائر، لأن أي لبناني بات خبيرًا في الكهرباء، باستثناء أولئك الذين استلموا هذا الملف وفشلوا في معالجته"، مؤكدًا أن الهيئات الاقتصادية تقف إلى جانب الوزير صدي في مسعاه لإصلاح القطاع.
وأشار شقير إلى أن أبرز النقاط الواردة في الورقة الإصلاحية للهيئات الاقتصادية تتمحور حول خلق بيئة مشجّعة للأعمال والاستثمار، وزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني، مشددًا على أن "الطاقة هي أولوية قصوى لتحقيق هذه الأهداف".
ولفت إلى أن "في وزارة الطاقة ملفات استثمارية عديدة تتعلق بالإنتاج عبر الفيول أو الغاز أويل أو الغاز الطبيعي، أو عبر مصادر متجددة كالرياح والشمس"، مشيرًا إلى "استعداد القطاع الخاص للاستثمار في هذه المشاريع، شرط الإسراع في تطبيق القوانين القائمة، وإقرار تشريعات إضافية حيث يلزم".
وختم شقير بالقول: "أزمة الكهرباء استنزفت لبنان واللبنانيين، ونأمل مع العهد الجديد والوزير الصدي أن نصل إلى كهرباء 24/24 ساعة ونطوي هذه الصفحة المظلمة".
بدوره، قدّم الوزير جوزيف صدي عرضًا مفصلًا حول واقع الكهرباء، مشيرًا إلى أن "المشكلة ليست في وضع الخطط بل في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، والعمل بشفافية وفق القانون".
وأكد أن أول خطوة في مسار الإصلاح كانت البدء بتنفيذ القانون 462/2002 وتفعيل الهيئة الناظمة، واصفًا إياها بـ"الممر الإلزامي" لأي نهوض بالقطاع، و"ركيزة أساسية" لاستعادة ثقة المجتمع الدولي والدول المانحة.
وشدد على أن "تطبيق هذا القانون لا يأتي فقط انسجامًا مع مطالب البنك الدولي، بل أيضًا خدمةً للمواطن اللبناني، عبر إبعاد القطاع عن التجاذبات السياسية، وتفعيل دور القطاع الخاص، وتأمين التوازن المالي المطلوب".
ولفت صدي إلى أن لبنان بحاجة ماسّة إلى معامل حديثة تعمل على الغاز الطبيعي، إذ إن الاستمرار بالاعتماد على الفيول يشكّل عاملًا رئيسيًا في ارتفاع كلفة الإنتاج، إلى جانب الهدر التقني والتعديات على الشبكة.
وقال: "جميعنا يذكر استقدام البواخر كحل موقت، لكنها بقيت لسنوات ولم تُنشأ معامل جديدة. من هنا بدأت اتصالات لتأمين تمويل يتيح بناء معمل جديد على الغاز، في موازاة العمل على وقف التعديات وتحسين الجباية، وهي خطوات ضرورية للحد من الخسائر".
في سياق تشجيع استخدام الطاقة المتجددة، أعلن صدي عن إجراءات عملية في هذا الاتجاه، منها إعفاء مشاريع الطاقة الشمسية التي تقل قدرتها عن 1.5 ميغاوات من الحصول على موافقات الوزارة، التزامًا بالقانون 462. كما أمهل أصحاب رخص المزارع الشمسية الإحدى عشرة حتى نهاية السنة الحالية للانطلاق فعليًا بالعمل أو بيع الرخص، وإلّا فستُستعاد.
اختُتم اللقاء بنقاش مفتوح بين الوزير صدي وممثلي الهيئات الاقتصادية، تناول كل جوانب أزمة الكهرباء وسبل التعاون لدعم القطاعين الصناعي والسياحي، اللذين يشكّلان ركيزتين أساسيتين في النهوض الاقتصادي.
