مع تصاعد الضغوط الدولية على لبنان لحصر السلاح غير الشرعي بيد الدولة ومؤسساتها، يبرز ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات كأولوية على طاولة النقاش.
على الرغم من أن حزب الله يتجه إلى اعتبار ضرورة تنظيم وسحب السلاح الفلسطيني أولًا قبل الحديث عن سحب سلاحه، إلا أن الواقع يفرض تسليط الضوء على هذا الملف الذي يشهد تطورات هامة.
في الأشهر الأخيرة، وبعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان وسقوط النظام السوري، بدأ الجيش اللبناني بتسلّم المراكز العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات. وبات السلاح الموجود مع الفصائل الفلسطينية محصورًا داخل المخيمات فقط.
في كانون الأول 2024 وكانون الثاني 2025، قامت "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" وتنظيم "فتح الانتفاضة" بتسليم مراكزهما العسكرية وموجوداتها في مناطق شرق لبنان وشماله إلى الجيش اللبناني.
هذه الخطوة جاءت بعد سقوط النظام السوري الذي كان يقدم الدعم والتمويل لهما. ويؤكد الدكتور سرحان سرحان، نائب أمين سر حركة "فتح" في لبنان، أن ملف السلاح خارج المخيمات "أُغلق نهائيًا بعد تسليم 6 قواعد عسكرية للجيش اللبناني"، مؤكدًا أن السلاح داخل المخيمات لا يزال ملفًا غير مطروح في الوقت الراهن.
وفقًا لسرحان، يوجد داخل المخيمات ثلاثة أنواع من السلاح: الأول منضبط تحت سيطرة منظمة التحرير وفتح، الثاني غير منضبط ويملكه مجموعات إسلامية، والثالث هو سلاح متفلت يتم تهريبه بواسطة تجار السلاح والمخدرات. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 90% من السلاح في المخيمات هو سلاح فردي، مع وجود بعض الصواريخ المخزّنة داخل المخيمات، وهي تعود بالأساس لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي". أما "فتح"، فهي التنظيم الوحيد الذي يمتلك أسلحة متوسطة وثقيلة.
ويطالب المسؤولون الفلسطينيون في لبنان بحصولهم على "غطاء أمني لبناني" للقضاء على السلاح المتفلت والمجموعات المسلحة التي تهدد الأمن داخل المخيمات.
تتم عملية الأمن داخل المخيمات عبر لجان أمنية فلسطينية، حيث لا يسمح بوجود أي من عناصر الجيش اللبناني أو الأجهزة الأمنية اللبنانية داخل المخيمات، إلا عند المداخل فقط. بينما تتولى القوى الإسلامية المتشددة، مثل حماس، بعض المخيمات بشكل منفصل، وهي تسعى إلى الاحتفاظ بالسلاح هناك كـ"ورقة تفاوضية" مع الدولة اللبنانية للحصول على امتيازات خاصة.
من جهته، يرى مدير "مركز تطوير للدراسات" هشام دبسي أن لبنان يواجه الآن مرحلة حاسمة تتطلب تحديد استراتيجية واضحة لبسط سيادته على المخيمات وإزالة ظاهرة السلاح داخلها. يشير دبسي إلى أن الموقف الرسمي الفلسطيني يلتزم بالتعاون مع الدولة اللبنانية في تسليم السلاح، بينما يتباين هذا الموقف مع القوى المتشددة المرتبطة بحركة "حماس". ويؤكد دبسي أنه مع انهيار النظام السوري واستقرار الأوضاع في غزة، من المتوقع أن يكون لدى القوى المتشددة تأثير محدود على المواقف الرسمية اللبنانية والفلسطينية.
الكرة الآن في ملعب الدولة اللبنانية، التي تحتاج إلى تقديم خطة عمل واضحة لتفعيل السيادة في المخيمات وحصر السلاح غير الشرعي، وتقديم حلول للمشاكل الأمنية دون التفريط بحقوق الفلسطينيين.