كشفت صحيفة "طهران تايمز" الإيرانية، في تقرير مفصل، عن جوانب جديدة من المحادثات غير المباشرة التي جرت يوم السبت الماضي في سلطنة عمان بين وفدين من إيران والولايات المتحدة، مؤكدة أن الجانب الإيراني تعامل مع اللقاء بـ"حذر وريبة عميقة"، في ظل عدم ثقة متجذّرة تجاه واشنطن.
وبحسب الصحيفة، عُقدت المحادثات في منزل وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، قرابة الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، بحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف.
وأكدت أن اللقاء اتسم بالخصوصية الشديدة، إذ بقي المرافقون من كلا الجانبين في الفنادق، ولم يشاركوا في الجلسة. وجرى تبادل أقل من عشر رسائل مكتوبة خلال المحادثات، سلّم عراقجي أولها إلى الجانب الأميركي. وأوضحت أن ويتكوف حضر الاجتماع برفقة شخصين فقط، أحدهما خبير نووي، وغادر المكان دون الإدلاء بأي تصريحات علنية، مكتفيًا بتحية عراقجي عند انتهاء اللقاء.
وفي الرسائل التي قدّمها الجانب الإيراني، شدد عراقجي على أن "إيران لا تخوض المحادثات من باب الاستعراض ولا تسعى إلى كسب الوقت"، مضيفًا أن "الهدف الأساسي لطهران هو اختبار مدى جدية الطرف الأميركي، ومعرفة إمكانية التوصل إلى اتفاق مستدام".
وأكد عراقجي أن بلاده "لن توافق تحت أي ظرف على تفكيك برنامجها النووي"، لكنها منفتحة على اتخاذ خطوات لتوفير ضمانات ضد عسكرة الأنشطة النووية، مشيرًا إلى أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون الجهة الوحيدة المخوّلة بالوصول إلى المواقع النووية".
وبحسب التقرير، طالب الوفد الإيراني برفع العقوبات عن قطاعات محددة بشكل يضمن عدم إعادة فرضها لاحقًا بذريعة مختلفة، كما اقترح التوصل إلى "إطار عام واضح" لمتابعة المفاوضات، داعيًا واشنطن إلى تقديم مقترح بديل في حال لم تقبل بالإطار الإيراني.
وأكدت الصحيفة أن ويتكوف لم يشر إلى أي مطلب يتعلق بتفكيك البرنامج النووي، ولم يُبدِ تمسكًا بالاتفاق النووي الأصلي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2018.
وأشارت إلى ما وصفته بـ"محاولات أوروبية محتملة لإفساد المحادثات"، موضحة أن بعض العواصم الأوروبية أبدت انزعاجها من عدم مشاركتها، وتدرس حالياً اتخاذ خطوات للضغط على طهران، من بينها الدفع نحو تصنيف الحرس الثوري الإيراني كـ"منظمة إرهابية"، عبر حشد دعم داخل المجلس الأوروبي.
كما لفت التقرير إلى أن طهران حذرت واشنطن من تفعيل آلية "سناب باك"، المقرر انتهاء صلاحيتها في أكتوبر المقبل، معتبرة أن "مسؤولية منع إعادة تفعيل العقوبات الأممية تقع بالكامل على عاتق الإدارة الأميركية".
وفي ختام تقريرها، اعتبرت "طهران تايمز" أن "محادثات عُمان أعادت الحياة إلى المسار الدبلوماسي"، لكنها شددت على أن "استعادة إيران لثقتها بالولايات المتحدة لا تزال مهمة بالغة الصعوبة"، في ظل التجارب السابقة، خاصة بعد الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق النووي عام 2018.
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مساء أمس الإثنين، أن سلطنة عمان ستستضيف الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، والمقررة يوم السبت 20 نيسان الجاري. وأشار بقائي إلى أن جدول الأعمال سيبقى محصورًا في الملف النووي، خاصة تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات.