خاص ليبانون ديبايت

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 15 نيسان 2025 - 07:37 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

قانون "إصلاح المصارف" ما له وما عليه

قانون "إصلاح المصارف" ما له وما عليه

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي

بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها حكومة الرئيس نواف سلام لإثبات أنها تريد القيام بكل الإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية، واستعادة ثقة المجتمع الدولي واللبنانيين عمومًا، جاء إقرار قانون رفع السرية المصرفية (في 27 آذار الماضي)، ثم قانون إصلاح القطاع المصرفي (في 12 نيسان الحالي)، كخطوتين أساسيتين في هذا المسار.

إلا أن جوهر الإصلاح الذي ينشده الشعب اللبناني عمومًا، والمودعون على وجه الخصوص، يكمن في إقرار قانون لمعالجة الفجوة المالية، لأنه من المفترض أن يُنصف المودعين، ويحسم النقاش بين من يريد تحميل الدولة المسؤولية الأولى عن الفجوة، ومن يريد تحميل المصارف هذه المسؤولية. كما يحدّد حجم الخسائر في النظام المالي (بما يشمل مصرف لبنان والمصارف التجارية)، وكيفية توزيعها بين الأطراف، وأثر ذلك على الودائع، على أن يتبع ذلك تأسيس صندوق استرداد طويل الأمد للودائع، لم يتم التوافق بعد على آلياته بين الدولة والمصارف والمودعين.


إذاً، طريق الخروج من الأزمة طويل، لكن ذلك لا يمنع من القول إن القانون الجديد لإصلاح المصارف كرّس العديد من النقاط التي تُحسب لصالح المودعين. فبحسب الخبراء، تم تثبيت مبدأ الحد من استخدام الأموال العامة في عملية إصلاح أوضاع المصارف، كما تم تثبيت أن امتصاص الخسائر يبدأ أولًا من رساميل المصارف وأموالها الخاصة. غير أن تنفيذ هذه المبادئ مشروط بإقرار قانون الفجوة المالية، الذي يتضمن إجراءات مثل: حماية الودائع الصغيرة، شطب الفوائد الفاحشة، تحويل بعض الودائع إلى أسهم، فرز الودائع بين مشروعة وغير مشروعة، وتصفية المصارف المفلسة. كما ينص القانون الجديد على تفعيل محكمة خاصة في بيروت، تُحال إليها كل مطالبة عالقة أمام محكمة الدرجة الأولى، مثل النزاعات بين المودعين والمصارف.


فريدة: العين على مجلس النواب


كل ما سبق يعني أن القوانين الإصلاحية تُشكّل بناءً متعدد الأبواب، لكن الباب الرئيسي للخروج من الأزمة هو قانون الفجوة المالية. فمن دونه، تبقى كل القوانين الأخرى أبوابًا مغلقة و”مع وقف التنفيذ”. هذا ما يلفت إليه الخبير الاقتصادي الدكتور محمد فريدة في حديثه إلى “ليبانون ديبايت”، إذ يشير إلى أن “النسخة القديمة من قانون السرية المصرفية كانت تعتريها شوائب، ولم تكن تتطابق مع القواعد الإصلاحية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي. أما النسخة الجديدة التي أُقرّت، فقد تم تعديل كل الملاحظات السابقة، ما يُساعد على كشف الحسابات المتورطة والارتكابات التي كانت تحصل فيها، ويمنح القدرة لاحقًا على التمييز بين الأموال المشروعة وغير المشروعة بطريقة سلسة في ظل غياب حماية السرية المصرفية”.


ويضيف: “القانون الثاني هو إصلاح المصارف، وهو إطار تنظيمي يضع الأسس التي يمكن بموجبها أن تتم المعالجة. وأهم ثلاث نقاط فيه هي: تشكيل هيئة ناظمة لتنظيم عمل المصارف، قلّصت من الصلاحيات المطلقة التي كانت ممنوحة لحاكم مصرف لبنان، ووزّعتها على لجنة يُتخذ القرار فيها بأكثرية 4 من 7 أعضاء، ولم يعد هناك ممثل عن جمعية المصارف داخلها”. ويعتبر أن “هذه اللجنة باتت تمتلك هيكلًا قانونيًا ووضعًا تنظيميًا أفضل مما كان سابقًا، كما أن هناك تراتبية في تحمّل المسؤوليات بين المساهمين وأموالهم الخاصة، مع تقليص الاعتماد على الأموال العامة في معالجة أزمة المصارف”.


ويجزم فريدة بأن “هاتين النقطتين تمثلان بداية جيدة، أما النقطة الثالثة الإيجابية، فهي المادة 36 التي تفرض على المصارف إعادة تقييم المخاطر ورأس المال، على اعتبار أن الأموال التي تملكها في مصرف لبنان تُعتبر موجودة، وبهذه الطريقة يمكن غربلة المصارف ومعرفة قدرتها على الاستمرار، بعد قياس رأسمالها مقابل المخاطر الأخرى، كاليوروبوندز والدين الداخلي والودائع. وكل مصرف يتبيّن أن رأسماله أقل من 8%، عليه إما إعادة رسملة نفسه أو الخروج من السوق”.


ويعتبر أن “الثغرة الوحيدة هي أن تنفيذ هذا القانون يرتبط بإقرار قانون الفجوة المالية، لكنه يبقى إطارًا عامًا وبداية لحل الأزمة. وعلينا الانتظار لمعرفة إذا ما كانت السلطة السياسية ستتصرف في مجلس النواب كما فعلت منذ بداية الأزمة، أم أن الضغوط الخارجية، ولا سيما الأميركية، ستمنعها من المماطلة؟ علمًا أن جميع النواب اليوم هم تحت مجهر السفارات لمعرفة كيف سيصوّتون على هذين القانونين”.


التيني: لقانون موحّد يترجم الخطة الإصلاحية للحكومة


في الميزان القانوني، توضح المحامية الدكتورة جوديت التيني لموقع “ليبانون ديبايت”، أنه “يجب إقرار قانون واحد موحّد يترجم الخطة الإصلاحية ويعالج كل هذه المواضيع، لا سيما إصلاح المصارف والفجوة المالية”، مشددة على أن “هذا القانون يجب أن يُلغي جميع الأحكام القانونية السابقة والمخالفة له، مثل المادة 38 من قانون موازنة 2020، التي للأسف جرى تمريرها ضمن الموازنة من قبل الحكومة ومجلس النواب، خلافًا لأصول التشريع الدستورية، لأنها من فئة ما يُعرف بـ‘فرسان الموازنة‘، أي مواد لا علاقة لها بالموازنة، وكان على المجلس الدستوري إبطالها في حينه”.


وتشرح أن “هذه المادة تعدّل قيمة ضمان الودائع المصرفية المشمولة بضمانة مؤسسة ضمان الودائع، بحيث تصبح لغاية 75 مليون ليرة لبنانية أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية (رأسمالًا وفائدة)، بالنسبة لمجموع حسابات الودائع العائدة لمودع واحد لدى أي مصرف، مع اعتبار أن مركز المصرف وفروعه مؤسسة واحدة. وطبعًا هذا المبلغ غير كافٍ، ويجب على القانون الجديد أن يعالج هذه النقطة”.


وتضيف: “لا بد أن يتم تنفيذ أحكام هذا القانون بالتوازي، فتكون إعادة أموال المودعين أولوية. وكفى تأويلاً في تطبيق قانون رفع السرية المصرفية، فهذا التأويل بدأ منذ إقرار القانون عام 2022، بهدف عدم تطبيقه وتركه حبراً على ورق”.


وتختم: “إقرار رفع السرية المصرفية لعشر سنوات، كما هو مطروح اليوم، يجب أن يُحتسب من تاريخ إقرار القانون، وليس من تاريخ تقديم طلب رفع السرية المصرفية عن الحساب. خلاف ذلك يعني تضييع الوقت، والتهرّب، وعدم معالجة الملفات الكبيرة”.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة