تُواصل المسيّرات الإسرائيلية من نوع "كواد كابتر" التحليق بكثافة فوق قطاع غزة، حيث تؤدي دورًا محوريًا في العمليات العسكرية والاستخباراتية، إلى جانب استخدامها في تنفيذ مهام نفسية تهدف إلى ترهيب السكان ودفعهم للنزوح.
وتعتبر "الكواد كابتر"، وهي طائرة الاستطلاع خفيفة الوزن وسهلة الحركة والتنقل بين المباني السكنية والشوارع، الأكثر استخدامًا خلال الحرب بغزة، وهي التي نجحت بتنفيذ مهام دقيقة، بعضها يحتاج لوجود عنصر بشري على الأرض مثل عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.
وتُستخدم "الكواد كابتر" في مهام استخباراتية مثل تعقّب الأهداف الثابتة والمتحركة، وتُجهَّز بكاميرات عالية الدقة، كما تُزوّد خلال تصنيعها ببرمجيات قتالية تمكّنها من إطلاق النار أو إلقاء عبوات متفجّرة، ما يجعلها "جنديًا آليًا" في ساحة المعركة.
لكن خطورة هذه الطائرات لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، إذ يوظّفها الجيش الإسرائيلي أيضًا في شنّ "حرب نفسية" ممنهجة ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.
يقول أسامة أبو هاني، من سكان بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الطائرات تُصدر أصواتًا مرعبة، كنباح الكلاب وصراخ الأطفال والنساء، خصوصًا ليلًا، ما يُثير الهلع بين الناس".
ويضيف: "كثيرون يخرجون لتفقد مصدر الصوت، ظنًا أنه حقيقي، ليُفاجَؤوا بإطلاق النار من الطائرة ذاتها".
ويُشير محمد علي، وهو من سكان شرقي غزة، إلى حادثة مرعبة عاشها شخصيًا خلال شهر رمضان، عندما أطلقت الطائرة أصوات الأذان، ما دفع البعض إلى الإفطار قبل موعده. ويوضح: "فررت من خيمتي بعد سماعي لأصوات كلاب داخلها، ثم ضحكات مرعبة وصراخ أطفال، قبل أن أكتشف أن كل هذه الأصوات مصدرها طائرة استطلاع إسرائيلية".
ويرى المختص في الطب النفسي، الدكتور أشرف زقوت، أن هذه الطائرات تُستخدم بشكل ممنهج في إطار استراتيجية نفسية لإرهاب السكان. ويقول: "الجيش الإسرائيلي يعمد إلى بث أصوات مزعجة ومخيفة عبر هذه الطائرات لإحداث اضطرابات نفسية وجسدية بين المدنيين".
ويُحذّر زقوت من أن الأصوات المستمرة تسبّبت بأرق وصعوبة في النوم لدى الكبار، إلى جانب حالات تبول لا إرادي وخوف شديد لدى الأطفال، وصولًا إلى أمراض سلوكية ونفسية معقّدة.
ويُضيف: "شهدنا ارتفاعًا في معدلات القلق والعصبية واضطرابات النوم لدى كافة الفئات، كما رصدنا ازديادًا في حالات الفزع الليلي لدى الأطفال"، مؤكّدًا أن "هذه الحرب النفسية تهدف إلى تفكيك النسيج المجتمعي في غزة ودفع السكان إلى النزوح القسري".
ويختم زقوت تحذيراته بالتأكيد على أن "استمرار هذا النوع من الحروب النفسية سيترك أثرًا مدمرًا على سكان القطاع والمنطقة ككل، بل قد يُخلّف أجيالًا تعاني من أمراض نفسية مزمنة، تُهدد الأمن الاجتماعي في فلسطين والعالم".