خاص ليبانون ديبايت

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الاثنين 14 نيسان 2025 - 07:37 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

نصيحة إلى نواف سلام… حذارِ “فخ دمشق”!

نصيحة إلى نواف سلام… حذارِ “فخ دمشق”!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


يزور رئيس الحكومة، نواف سلام، دمشق اليوم، في أول تواصل رسمي ومباشر بينه وبين السلطة السورية الجديدة، محاطًا بثلاثة وزراء سياديين: الخارجية، الدفاع، والداخلية. زيارة بهذا الوزن لا يمكن عزلها عن السياق السياسي والأمني المتشابك بين بيروت ودمشق، أو عن ذلك الإقليمي، ولا عن توقيتها، الذي جاء متزامنًا مع ولادة حكومة سورية جديدة تطرح أكثر من علامة استفهام حول مشروعيتها، وتلي زيارة سريعة لسلام إلى مكّة بدعوة سعودية، كُرّم خلالها بالمشاركة في صلاة عيد الفطر إلى جانب كبار المسؤولين السعوديين، وربما سمع على هامشها دعوة للانفتاح على دمشق، امتدادًا لما سبقه من اتفاق “إعلان نوايا” بين لبنان وسوريا برعاية سعودية أيضًا.


في الشكل، قد تبدو الزيارة فرصة لإعادة ترتيب العلاقة بين بلدين يربطهما تاريخ معقد، وحدود رخوة، وذاكرة قاسية، وقد تكون مقدّمة تمهّد لإطلاق مسار سياسي جديد، وأن يكون ملحًّا إعادة النظر في اتفاقيات سياسية واقتصادية أبرمت إبّان حكم النظام السابق، باتت تُعدّ مطلبًا حيويًا لبنانيًا وسوريًا، أو التأسيس لاتفاقات تشمل الحدود البرية والبحرية، وإطلاق سراح سجناء سوريين محكومين في لبنان، مقابل قبول بيروت مطلبًا سوريًا بالإفراج عن أكثر من 400 موقوف من الإسلاميين السوريين واللبنانيين، من بينهم عناصر من “داعش”.


في المضمون، ثمّة من يراهن على أن سلام يحمل في جعبته تصورًا مختلفًا للتعاطي مع الملف السوري، متّكئًا على غطاء إقليمي خفي – سعودي تحديدًا – وعلى سردية براغماتية تقول إن المصالح تقتضي فتح القنوات مع من هو في الحكم، بغض النظر عن شرعيته.


لكن في السياسة، لا يكفي أن تكون النوايا حسنة، ولا أن يكون الهدف نبيلًا. فحين يذهب رئيس حكومة لبنان إلى دمشق، وهو يعلم – أو يُفترض أن يعلم – أن الحكومة السورية التي سيلتقي بها ليست محصّنة بشرعية دستورية واضحة، بل محل جدل عميق، ومحاطة بشكوك داخلية وخارجية، فإن ما يُبنى على هذه الزيارة سيكون بالضرورة باطلًا أو هشًّا، وربما قابلًا للانهيار في أول هزة دستورية.


هل يدرك سلام أن الحكومة السورية الحالية لم تحصل على ثقة برلمان – لأنه ببساطة غير موجود – وأنها تشكّلت بموجب قرار لا يستند إلى مرسوم رئاسي واضح، نظرًا لانعدام الصفة القانونية للرئيس الحالي للبلاد؟ وهل يأخذ في حسبانه أن بعض العواصم الكبرى، وعلى رأسها واشنطن، بدأت تتعامل مع دمشق بوصفها كيانًا رماديًا، وبالكاد تمنح ممثليه صفة دبلوماسية، وقلّصت مستوى التعامل الرسمي معها؟


ليس المطلوب من رئيس الحكومة اللبنانية أن يخوض معركة دستورية نيابة عن السوريين أو عن العالم، ولا أن يتحول إلى قاضٍ دولي يبتّ في شرعية أنظمة الحكم. المطلوب فقط أن يُبقي حساباته مفتوحة على احتمالات المستقبل. فالاتفاقات التي قد تُبرم اليوم مع حكومة مطعون بشرعيتها في دمشق، قد تصبح عبئًا على لبنان غدًا، وربما العكس، حين يستعيد الداخل السوري شيئًا من توازنه، ويعود العالم إلى وضع قواعد جديدة للتعامل مع السلطة هناك.


إن رسالة النصيحة غير المعلنة التي يجب أن يسمعها نواف سلام، منّا وليس من مستشاريه أو فريقه اللصيق، قبل أن تطأ قدمه أرض دمشق، بسيطة وواضحة: لا تقايض مصالح لبنان المؤسسية، بتفاهمات ظرفية تُنتج اتفاقات قد تكون معرضة للطعن، فقط لتُسجّل نقاطًا في دفتر السياسة.


علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة