المحلية

الشرق الأوسط
الأحد 13 نيسان 2025 - 18:23 الشرق الأوسط
الشرق الأوسط

تشريع قانون إصلاح المصارف: مسار "طويل" و"ملغوم"

تشريع قانون إصلاح المصارف: مسار "طويل" و"ملغوم"

شهد مشروع قانون إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها، المحال إلى المجلس النيابي بموجب مرسوم بعد إقراره في مجلس الوزراء، التباساً إجرائياً واضحاً، إذ تمّ ربط سريان مواده كافة بإقرار قانون معالجة الفجوة المالية، الذي يُفترض أن يعيد الانتظام المالي، ويُكمّل مع مشروع تعديل قانون السرية المصرفية ما بات يُعرف بالثلاثية التشريعية الضرورية لإنقاذ لبنان من أزماته المالية والنقدية المتفاقمة منذ ستة أعوام.


وعكست العجلة الحكومية لإقرار المشروع، عقب ثلاث جلسات وزارية شهدت نقاشات حادة، محاولة لإثبات الالتزام بالإصلاحات المطلوبة، تمهيداً لحمله إلى الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن بعد أسبوع، في إطار السعي إلى اتفاق جديد يُعيد فتح أبواب التمويل الدولي، ضمن خطة إنقاذ تشمل توزيع الفجوة المالية بين الدولة، مصرف لبنان، المصارف والمودعين.


وبحسب تعهدات الحكومة، يأتي مشروع قانون إصلاح المصارف كخطوة ثانية بعد تعديل قانون السرية المصرفية، في محاولة لوضع إطار قانوني حديث وفق المعايير الدولية، كانت تفتقده المنظومة المالية في لبنان. وقد تمّ إدخال تعديلات جوهرية على المشروع الذي أعدّته وزارة المال، على أن يُعرض لاحقاً على لجنتَي المال والموازنة والإدارة والعدل قبل إحالته إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي.


ومع افتراض إقرار القانون سريعاً، فإن المادة 37 تنص صراحة على تعليق تنفيذ المشروع لحين إقرار قانون معالجة الفجوة المالية، ما يجعله عملياً رهن مشروع أكثر أهمية: تحديد مصير نحو 84 مليار دولار من الودائع المقيّدة، وقرابة 80 مليار دولار من توظيفات المصارف في البنك المركزي.


تقرّ الحكومة بضرورة التقدّم في "المستقبل القريب" بمشروع قانون معالجة الفجوة المالية التي قُدّرت في الحكومة السابقة بنحو 72 مليار دولار. ويرى مسؤول مالي بارز أن هذه الخطوة يجب أن تسبق أي معالجة مصرفية، إذ لا يمكن تحقيق أي إصلاح فعلي قبل تصنيف دقيق لأصول المصارف، التي تشمل توظيفات في مصرف لبنان وسندات "يوروبوندز" المعلّقة السداد منذ ربيع 2020 بقرار حكومي لا يزال سارياً.


تشير المسودة الحكومية إلى "الحد من استخدام الأموال العامة" في عملية الإصلاح، ما يثير قلقاً لدى المودعين والقطاع المالي، خصوصاً أن هذا التوجه قد يُسقط احتمال سداد مصرف لبنان لتوظيفات المصارف لديه، والمقدّرة بنحو 48 مليار دولار، وفق تقرير التدقيق الجنائي الذي أعدّته شركة ألفاريز أند مارسال، بالإضافة إلى خسائر متراكمة تُقدّر بنحو 16 مليار دولار كفروقات قطع، و5 مليارات دولار من سندات "يوروبوندز".


يتكوّن المشروع من 37 مادة موزعة على 10 أبواب، تتناول الأحكام العامة، الهيئة المصرفية العليا، آلية التقييم المستقل، أدوات إصلاح المصرف، التصفية، وصلاحيات كل من لجنة الرقابة والهيئة المصرفية العليا، فضلاً عن ترتيب حقوق الدائنين لامتصاص الخسائر.


ورغم التنويه الرسمي بأولوية حماية أموال المودعين، خصوصاً الصغار منهم، فقد أُدرجت بشكل صريح بعض الفئات المستثناة من تحمل الخسائر، أبرزها: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، صناديق تعاضد القضاة والنقابات، مؤسسة الجيش والقوى الأمنية، السفارات، مدفوعات الموردين، الضرائب، والودائع المحررة بالليرة أو بالأموال الجديدة (fresh money).


يشمل نطاق تطبيق مشروع المصارف اللبنانية والأجنبية، وفروعها في الداخل والخارج. كما يتضمن إنشاء هيئة خاصة لإصلاح أو تصفية المصارف، على أن تنفّذ هذه العملية بموجب تقرير من لجنة الرقابة على المصارف، مع اعتماد أدوات من بينها الإنقاذ الداخلي (bail-in)، إعادة الرسملة، أو تحويل الأصول إلى مصرف آخر.


وفي تصريح لوزير الإعلام بول مرقص، أكد أن هذه الخطوة التمهيدية ستليها مباشرة صياغة مشروع قانون معالجة الفجوة المالية، الذي يُعد المدخل الأساس لأي خطة إنقاذ حقيقية. وشدد على أن الخروج من الأزمة يستوجب تشريعات مترابطة، تشمل أيضاً تعديل قانون السرية المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، لحماية حقوق المودعين، واستعادة التوازن المالي.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة