خاص ليبانون ديبايت

placeholder

المحرر السياسي

ليبانون ديبايت
السبت 12 نيسان 2025 - 14:14 ليبانون ديبايت
placeholder

المحرر السياسي

ليبانون ديبايت

مجرمو الحرب يُحيون ذاكرتها

مجرمو الحرب يُحيون ذاكرتها

"ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي


في كل عام، وتحديدًا في 13 نيسان، تعود إلى الواجهة ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية، الحرب التي مزّقت الوطن، ومزّقت معه أرواح اللبنانيين وذاكرتهم. لكن ما يزيد من قسوة هذا اليوم ليس فقط استحضار صور الدماء والدمار، بل رؤية من شاركوا في إشعال تلك الحرب، ومن تلطّخت أيديهم بدماء الآلاف، يطلّون على اللبنانيين كأنهم أوصياء على السلام، لا جناة على الوطن.


هؤلاء أنفسهم الذين ارتكبوا المجازر بحق المدنيين، وهجّروا العائلات، ودمّروا الممتلكات، وأقاموا خطوط تماس من لحم ودم، يظهرون اليوم على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، ببيانات مطعّمة بالندم الاصطناعي، وشعارات جوفاء من نوع “تنذكر وما تنعاد”، بينما هم أول من عمل على أن تُنسى الحقيقة وتُعاد الفتنة بصيغ مختلفة.


بدلاً من أن يكونوا خلف القضبان، أو أمام محاكم دولية بتهم جرائم ضد الإنسانية، نراهم اليوم متصدرين للمشهد السياسي، يملكون القرار، ويتحكمون بمصير دولة لا تزال تدفع ثمن التسويات التي حمتهم وأعادتهم إلى السلطة بدل محاسبتهم. لم يُحاكم أحد، ولم يُفتح أي ملف، وكأن الحرب كانت عرضًا مسرحيًا بلا ضحايا. الوقاحة لا تقف هنا. بل إنهم يجرؤون على إلقاء الخطب، والظهور كدعاة وحدة وسلام، فيما سجلهم الميداني والسياسي لا يزال ملطّخًا بالكراهية والانقسام والدمار.


يسوّقون “الذكرى” كما لو أنها صفحة مؤلمة من الماضي نُقلبها مع كل نيسان، لا جريمة موثّقة ومسؤولة تستوجب العدالة.


ما يحتاجه اللبنانيون اليوم ليس تكرار شعارات الخداع، بل محاسبة حقيقية لمن جرّهم إلى الجحيم. ليس التغني بالندم، بل الاعتراف العلني والمُحاسَب بما ارتُكب. فسلام بلا عدالة هو استراحة محارب، وذاكرة بلا محاسبة هي مشروع لحرب مقبلة. في 13 نيسان، نُحيي ذكرى الشهداء، لا الجلادين. ونرفع الصوت لا لنُسامح من دون عدالة، بل لنُذكّر بأن من يفتقر إلى شجاعة الاعتراف والمساءلة، لا يملك حق النطق باسم الضحايا، ولا تمثيل شعب لا يزال ينزف من جراح الماضي.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة