من الواضح، برأي الكاتب والمحلل السياسي جورج علم، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن المفاوضات ستبدأ غدًا، حيث تُشير المعلومات الدبلوماسية إلى أنه يتم الاتفاق مسبقًا على عدد من النقاط عبر القنوات الدبلوماسية قبل انعقاد الاجتماع، ليتم الإعلان عن هذه الخلاصات بشكل رسمي لاحقًا.
ويرى أن هذا يُعطي انطباعًا بأن الخيار المطروح هو التفاوض، لا اللجوء إلى استخدام السلاح والقوة، وهذه نقطة إيجابية، على حد تعبيره، مع الأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر الأخرى، التي تقول إن نهج المفاوضات كان ينبغي أن ينطلق من نقطة الصفر، أي أنه كان من الضروري وضع برنامج عمل واضح حول ما تريده الولايات المتحدة الأميركية من إيران، وما تريده إيران من الولايات المتحدة.
أما في السياق الحالي، فالمفاوضات ستبدأ، كما يؤكد علم، ما لم تطرأ مستجدات طارئة تُعطل هذا المسار، وإذا ما وصلت هذه المفاوضات إلى مساحة من التفاهم بشأن الملفات العالقة، يمكننا التفاؤل، خاصة وأن هذه المفاوضات لن تقتصر فقط على الملف النووي الإيراني، بل ستمتد إلى ملفات أخرى، أبرزها التحالف القائم بين الصين وإيران، خصوصًا فيما يتعلق بملف النفط.
ويوضح علم أن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد أن تستفيد الصين من النفط الإيراني، في ظل وجود اتفاقية استراتيجية تجمع بين البلدين في هذا المجال. وإذا ما تم التوصل إلى تفاهم بهذا الخصوص، فمن المرجح أن تُحدث هذه التطورات أثرًا ملموسًا في الداخل، وأن تنعكس على الجو العام بشكل إيجابي.
أما عن تأثير هذه المفاوضات على الوضع اللبناني، فيلفت إلى أن المعروف عن قرار الحرب أو السلم في ما يتعلق بملف إيران لا يُتخذ من قِبل حزب الله، بل هو قرار إيراني بالدرجة الأولى، وبالتالي، فإن الحزب لا يُقدِم على أي خطوة من هذا النوع ما لم يكن هناك توافق إيراني واضح بشأنها.
من هذا المنطلق، إذا سلك المسار التفاوضي خطوات إيجابية وفقًا للتطورات المرتقبة والمتعلقة بالملفات العالقة، فمن المرجح أن يُسهم ذلك في تخفيف التوتر القائم في لبنان، خاصة على مستوى ملف السلاح، وقد يُمهّد ذلك لتفاوض جدي حول مستقبل سلاح حزب الله، ومساره، ودوره في المرحلة المقبلة.
أما فيما يتعلق باحتمال تعثّر المفاوضات والذهاب إلى الحرب، لا يعتقد علم أن المنطقة مقبلة على مواجهة عسكرية، رغم أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يسعى، بخلاف الإدارة الأميركية، إلى تدمير البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني، إلا أن الإدارة الأميركية، في اعتقاده، ليست بصدد فتح مواجهة مباشرة مع إيران في المرحلة الراهنة.
ويُذكّر بأمر لافت، هو أن الرئيس الأميركي، حين استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، فاجأه بالإعلان عن مفاوضات ستُعقد يوم السبت، وكأنه أراد التأكيد أن الخيار المطروح هو التفاوض وليس التصعيد العسكري. ويعتقد أن إيران لن تكون طرفًا سهلًا في هذه المفاوضات، ما لم يلمس الجانب الإيراني صدقية حقيقية من قبل المفاوض الأميركي للوصول إلى تفاهمات مبنية على المصالح المشتركة بين الطرفين.
ويجزم أن هذا المسار، في حال ثبتت جديته، يُبعد شبح الحرب، خاصة أن الشعوب في المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من المواجهات. لكن، بطبيعة الحال، إذا فشلت المفاوضات أو تحولت إلى عملية شكلية خاوية من المضمون، فقد تتجدد المخاطر.