الأخبار المهمة

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 11 نيسان 2025 - 07:31 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

جعجع يُحرّض أورتاغوس على عون

جعجع يُحرّض أورتاغوس على عون

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


يواصل رئيس الجمهورية جوزاف عون تظهير مواقف سياسية متقدمة حيال سلاح حزب الله، تنطلق من مقاربة لبنانية داخلية لا من زوايا الخارج. وفيما تتخذ هذه المواقف طابع الرد الصارم على بعض الأصوات الناقدة في الداخل، بدا أن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من بين أكثر المتضررين وربما المستهدفين من هذا التوجه، خصوصًا بعدما تسرّبت إلى المقار السياسية تقارير كاملة حول ما أدلى به جعجع متناولاً الرئاسة بشكلٍ سيئ أمام نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت الأسبوع الماضي.


بحسب المعلومات، لم يُبدِ جعجع تحفظًا في الحديث مع أورتاغوس، بل فتح النار على رئيس الجمهورية، منتقدًا “مقاربته المائعة” في ما يتصل بملف سلاح حزب الله، معتبراً أنها تُنذر بمزيد من الانحدار السياسي وقد تفضي إلى تجاوز ظرف هام وغير مسبوق. وبينما التزمت الدبلوماسية الأميركية أداءً هادئًا، بالغ جعجع في التحريض، وقرّر لاحقًا نقل المعركة من الصالونات إلى الشاشات، متّهماً الرئيس بـ”انتهاج سياسة أبو ملحم” في التعامل مع ملف سلاح الحزب.


هذه المعركة، التي استُعجل فتحها، لا تنفصل عن قلق متصاعد في معراب حيال طريقة مقاربة عون للعلاقة مع “الثنائي الشيعي”. فوفق مصادر سياسية مطّلعة، فإن جعجع بات على يقين من أن عون يخط مسارًا تعاونياً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ضمن تفاهم غير معلن يُعيد ضبط الإيقاع في مقاربة ملف السلاح من ضمن آليات محددة ودقيقة يمكن لها أن تتجاوز الآليات المعدة أميركيًا، وهو ما فسّره الرئيس عون بالأمس حين تحدّث عن “ليونة وتعاون وإيجابية” يبديها الحزب في شأن ملف السلاح.


هذه الدينامية الجديدة، التي قد تتطوّر إلى ثنائية عون – بري، أرعبت جعجع الذي يرى في نفسه أبرز الرابحين من انتخاب عون، رغم أنه كان في الأساس معارضًا لهذا التوجه قبل أن يعود وينقلب، فإذا به يُصبح مرشحًا لأن يكون أول الخاسرين. كذلك، فإن “حاكم معراب” يريد تكريس نفسه طرفًا جاهزًا للتحرّك في مواجهة يعتقد بقرب حصولها بين الرئاستين الأولى والثالثة. لذلك، يتموضع الآن وبشكلٍ وثيق إلى جانب رئيس الحكومة نواف سلام. جعجع، في سلوكه هذا، لا يخفي قناعته بأن اللحظة الراهنة هي الفرصة المثالية لإنهاء سلاح حزب الله، ويتلاقى بذلك – موضوعيًا – مع الطرح الإسرائيلي.


بالنسبة إليه، أي تأخير في هذا المسار سيُعيد تمكين الحزب، ويُفقد البلاد ما يسميها بـ”الفرصة”. وفي ظل هذا التصور، بدأ يتصرف كمن يستعد لوراثة دور الحزب – ولكن بالمقلوب – أي أن يتحول إلى مرشد للجمهورية، وعرّاب لسياساتها العامة، كما حاول أن يُقدّم نفسه في إطلالاته الإعلامية الأخيرة.


في المقابل، يبدي رئيس الحكومة الكثير من الحرص والاهتمام إزاء ممثلي معراب على طاولة مجلس الوزراء، إلى درجة أنه يتجاوز تفردهم أحيانًا وتجاوزهم للنص واجتهادهم السياسي من خارجه في أحيان كثيرة، بالإضافة إلى الانصراف عن تصرفاتهم وفق الإملاءات الحزبية لا الحكومية. مثال ذلك وزير الخارجية يوسف رجي، الذي يجتهد في المواقف من خارج الخطاب الرسمي المتفق عليه، ومن دون أن يُواجه أيضًا بأي اعتراض من جانب نائب رئيس “القوات” جورج عدوان، الذي لم يتردد في المطالبة بطرح الثقة بالوزير غسان سلامة، لمجرد أنه خرج عن “الخط السياسي للحكومة”! لكن المفارقة تبقى في أن وزراء “القوات” أنفسهم هم من يتعاطون مع القضايا الكبرى بخفة سياسية لا تُحتمل. فوزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات و”الذكاء الاصطناعي”، كميل شحادة، أطلق رواية مفادها أن “مجلس الدفاع الأعلى يعمل بتكليف من الحكومة على سحب سلاح حزب الله”، وهي رواية نفتها مصادر واسعة الاطلاع لـ”ليبانون ديبايت”، مؤكدة أن لا أساس لها من الصحة، وأن الجهة الوحيدة المخوّلة مخاطبة المجلس هي رئاسة الجمهورية، ما جعل من كذبة شحادة “مدوبلة”.


رغم ذلك، نال دعمًا غير مباشر من جانب رئيس الحكومة، حين ألمح قبل يومين من على منبر بكركي بأنه طلب إلى وزير الدفاع ميشال منسى إعداد خطة لـ”حصر السلاح” كي تتم مناقشتها على طاولة مجلس الوزراء. أما وزير الخارجية، يوسف رجي، فقد بات نموذجًا صارخًا للتجاوز السياسي والدبلوماسي. ففي كل مرة يُواجه بمواقف دولية أو استحقاقات حساسة، يُقدّم اجتهاداته الشخصية باعتبارها مواقف الدولة، ويختزل السياسة الخارجية في مزاجه السياسي، هذا إلى جانب “شطحاته” التقنية والشكلية خلال لقاءاته الدبلوماسية مع السفراء والتي يمكن أن تفضي إلى نتائج كارثية.


وخلال اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الأسبوع الماضي، حاول رجي، الذي استُدعي إلى الجلسة “بلطف” تحت عنوان الاستماع إليه في شأن سياساته المعتمدة، حاول التملص من تصريحاته المتسرعة بشأن السلاح، زاعمًا أنها لا تعدو كونها “مواقف إعلامية” تهدف إلى التخفيف من الضغوطات الأميركية، رغم أنه قال كلامًا كبيرًا يُخالف هذا الادعاء تمامًا. الأمر الذي دفع أحد النواب إلى التهكم قائلاً: “نحن أمام حالة انفصام دبلوماسي حادة لا مجرّد اجتهاد من خارج النص”.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة