يندرج إتمام التعيينات في "مجلس الإنماء والإعمار"، الذي يعد إحدى المؤسسات الحكومية ، ضمن الشروط التي يضعها البنك الدولي لدفع قرض بقيمة 250 مليون دولار مخصص لإعادة الإعمار في لبنان. هذه المهمة ستتولاها المؤسسة في المرحلة المقبلة، إلى جانب التحدي الأكبر المتمثل في إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الإسرائيلية.
يضاف إلى ذلك، تحدٍ آخر يتمثل في التصدي لمزاعم الفساد والهدر التي طالت المجلس على مدار السنوات الماضية.
وإلى جانب جهود الحكومة لإنجاز التعيينات الخاصة بالمجلس في أسرع وقت، تم الإعلان عن ملء خمسة مراكز رئيسية تشمل الرئيس ونائب الرئيس وأعضاء آخرين. كما يتعين تعيين مجلس الإدارة قبل 20 نيسان الجاري، وهو موعد الاجتماعات المقررة مع صندوق النقد الدولي في واشنطن.
وقالت مصادر وزارية لـ"الشرق الأوسط" إن ممثلي البنك الدولي طلبوا من المعنيين في لبنان إتمام التعيينات في حاكمية مصرف لبنان وفي مجلس الإنماء والإعمار، إلى جانب إقرار قوانين مرتبطة بالمصارف ورفع السرية المصرفية قبل الذهاب إلى اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد.
فيما تؤكد المصادر أن ممثلي البنك الدولي وصندوق النقد لا يثقون بالإدارة الحالية لمجلس الإنماء والإعمار، فإن العمل جارٍ لإنجاز التعيينات الجديدة. ويُتوقع أن يكون الرئيس الجديد للمجلس من الطائفة السنية، بينما يكون نائب الرئيس من الطائفة المارونية.
وتؤكد المصادر أن الرقابة على إدارة مشاريع إعادة الإعمار في المرحلة المقبلة ستكون من خلال مانحي القروض، بالإضافة إلى دور مفوض الحكومة في المجلس الذي سيأخذ طابعًا رقابيًا أساسياً.
وكان البنك الدولي قد قدّر احتياجات لبنان لإعادة الإعمار بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة بنحو 11 مليار دولار، منها مليار دولار مخصصة للبنية التحتية التي تعرضت لأضرار جسيمة.
ومن الجدير بالذكر أن "مجلس الإنماء والإعمار" تم تأسيسه نهاية عام 1976 بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان وإلغاء وزارة التخطيط، وكان من المفترض أن يتولى مسؤولية وضع خطة لإعادة الإعمار والتنمية، ضمان تمويل المشاريع، والإشراف على تنفيذها.
لكن على مر السنوات، لم يلب المجلس توقعات الكثير من اللبنانيين. ويرتبط اسمه، وفقًا للمنتقدين، بالهدر والفساد، وتوزيع الحصص في المشاريع. في السنوات العشرين الماضية، أشرف المجلس على مئات المشاريع التي تجاوزت قيمتها 10 مليارات دولار، من بينها مشاريع الطرق السريعة والجسور وإدارة النفايات. في عام 2019، واجه المجلس دعاوى قانونية تتعلق بالهدر.
ويرى البعض ضرورة إلغاء المجلس نظرًا لعدم فعاليته، ولا سيما مع تراجع القروض التي كانت يعتمد عليها لتنفيذ المشاريع. هذا ما يراه محمد شمس الدين، الباحث في "الدولية للمعلومات"، حيث اعتبر أن إسناد ملف إعادة الإعمار إلى المجلس، في المرحلة الحالية، جاء ضمن التوجه العام لتولي المؤسسات الحكومية الكبرى مسؤوليات كانت موزعة بين الوزارات.
وأوضح شمس الدين لـ"الشرق الأوسط" أن المجلس أُعطي صلاحيات واسعة تفوق صلاحيات الوزارات، إلا أنه أدار الملفات بطريقة فاشلة، سواء من خلال تلزيم المشاريع بتكاليف خيالية أو تعيين استشاريين، ناهيك عن الرواتب المبالغ فيها التي كان يتقاضاها موظفو المجلس مقارنةً بالموظفين في القطاع العام.