نفّذ الجيش الإسرائيلي، فجر الأربعاء، غارة جوية على مبنى سكني في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، قال إنها استهدفت "قيادياً بارزاً في حركة حماس"، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 20 شخصاً، وفق ما أفاد الدفاع المدني في القطاع.
وأوضح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي لوكالة "فرانس برس" أن الغارة استهدفت شخصية قيادية في حماس يُزعم أنها "مسؤولة عن التخطيط وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل انطلاقاً من المنطقة"، دون الإفصاح عن اسمه. وأضاف أن "عدداً من الإجراءات اتُخذ للحد من الأضرار المدنية"، وفق تعبيره.
بالتزامن، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ قواته المنتشرة في رفح، جنوب قطاع غزة، دمّرت بنى تحتية تابعة لحماس، شملت فتحة نفق ومخزناً لقذائف الهاون معداً للاستخدام ضد القوات الإسرائيلية، بحسب بيان رسمي.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن المتحدث باسم الجيش قوله، إن "وحدة من لواء جفعاتي عثرت على فتحة نفق قرب أحد المباني، وقامت بتفجيره، كما ضبطت مخزناً لقذائف هاون خلال عمليات تمشيط في المنطقة". وأضاف أن "عدداً من المسلحين قُضي عليهم خلال العملية العسكرية الجارية".
في تطور ميداني لافت، كشفت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي يستعدّ لتحويل مدينة رفح والأحياء المجاورة لها إلى جزء من "المنطقة العازلة" التي يسعى إلى إنشائها على طول حدود القطاع.
المنطقة التي كانت موطناً لحوالي 200 ألف فلسطيني قبل الحرب، وتمتد من "محور فيلادلفيا" جنوباً إلى "ممر موراغ" شمالاً، أصبحت شبه خالية من السكان خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما ألحق الجيش الإسرائيلي دماراً واسعاً فيها.
ودعت إسرائيل السكان الذين لا يزالون في تلك المناطق إلى إخلائها نحو "المنطقة الإنسانية" القريبة من الساحل، في مناطق خان يونس والمواصي.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنّ هذا التوسيع للمنطقة العازلة "جاء بناءً على قرار سياسي اتُّخذ الشهر الماضي مع إعادة تصعيد الحرب"، لا سيما بعد تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول نية إسرائيل "السيطرة على مساحات واسعة من القطاع".
وبحسب الصحيفة، يشمل المخطط تدمير المباني الواقعة على محور موراغ ليتوسع عرضه في بعض المناطق إلى أكثر من كيلومتر واحد، وسط تلميحات بأن رفح قد تُواجه مصير "محوها بالكامل" إذا تقرر تدمير جميع المباني ضمن هذه المنطقة.
تشير التقارير إلى أنّ رفح باتت تُعتبر هدفاً مثالياً للجيش الإسرائيلي ضمن مساعيه لممارسة ضغط على قيادة حماس. ويرى قادة في المؤسسة الأمنية أنّ الدعم الدولي لعملية طويلة الأمد في غزة محدود، ولذلك تُركّز العمليات على مناطق تعتبرها إسرائيل حساسة لحماس، لا سيما من حيث الموقع والحجم.
وذكرت "هآرتس" أنّ الجيش الإسرائيلي بدأ فعلاً بتوسيع محور موراغ عبر تدمير المباني المحاذية له، وسط تردد بشأن ما إذا كانت العملية ستُقتصر على إخلاء المنطقة أم تشمل تدميرها بالكامل.
في مقابل هذا التصعيد، عبّر قادة ميدانيون في الجيش الإسرائيلي عن امتعاضهم من القرار بإعادة العمليات إلى مناطق مدمّرة أصلاً. ونقلت "هآرتس" عن قائد قاتل في غزة لأكثر من 240 يوماً، قوله: "لم يعد هناك ما يمكن تدميره، ولا داعي لإدخال المزيد من الجنود لهذه المناطق الخطرة".
وقال أحد ضباط الاحتياط: "من غير المعقول أنّنا بعد سنة ونصف نعود إلى نقطة البداية، ندمّر ما هو مدمَّر دون رؤية واضحة للهدف أو المدة".
ومن المخاوف التي عبّر عنها الجنود أيضاً، خطر انهيار المباني، الذي أودى بحياة عدد من زملائهم في السابق. وحذر أحد القادة: "الجنود مستعدّون للقتال، لكن ليس للموت تحت أنقاض مبانٍ متصدعة".
العمليات البرية التي بدأت في حي الجنينة برفح أواخر آذار، تأتي في إطار خطة إسرائيلية لتوسيع "المنطقة الأمنية" بين غزة والمستوطنات المحاذية، لتصل مساحتها إلى نحو 60 كم²، أي أكثر من 16% من مساحة القطاع.
ووفق تقرير صادر عن مركز الأمم المتحدة للصور الفضائية في نيسان، فإنّ 90% من المباني داخل هذه المنطقة العازلة قد دُمّرت بالفعل.