آخر فصول هذا النهج ظهر في البيان الذي نشره رجي عبر حسابه الرسمي على منصة “تويتر”، متحدثًا عن لقائه سفير تركيا في لبنان، مراد لوتام، حيث بحث معه، بحسب ما ورد، “قضية القرى المارونية الأربعة في شمال قبرص”، وسلّمه مذكرة رسمية بهذا الشأن، متمنيًا على الحكومة التركية “إيلاء هذه القضية الدعم والاهتمام اللازمَين”.
استقبلت سفير تركيا لدى لبنان مراد لوتام وعرضت معه قضية القرى المارونية الأربعة في شمال قبرص ووضع أهلها، وسلّمته مذكرة بهذا الشأن. وتمنيت على الحكومة التركية إيلاء هذه القضية الدعم والاهتمام اللازمَين لتمكين أبناء هذه القرى من العودة الى بيوتهم، والعمل على حل مستدام لهذه القضية… pic.twitter.com/83vezWDY5x
— Youssef Raggi (@YoussefRaggi) April 9, 2025
المفارقة، أن البيان الذي ورد بصيغتَين عربية وإنجليزية، أُرفق بصورة تفتقر إلى الحدّ الأدنى من اللياقات الدبلوماسية، إذ بدا فيها الوزير وكأنه يستدعي السفير التركي لمساءلته أو توبيخه، في مشهد غريب عن الأعراف المعتمدة في اللقاءات الرسمية بين وزير خارجية وسفير دولة صديقة. ويُشار إلى أن تركيا لم تصدر في الآونة الأخيرة أي موقف سلبي تجاه لبنان، كما أن موضوع القرى المارونية في شمال قبرص لا يُعدّ من القضايا التي تمسّ المصالح المباشرة للدولة اللبنانية.
كما أبدت المصادر استغرابها من إصرار الوزير رجي على تجاهل القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها البلدات اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل، والتي لم يُكلّف نفسه حتى بتوجيه مذكرة دبلوماسية بشأنها إلى أي سفير أجنبي، في مقابل حماسة ملحوظة لإثارة ملفات خارجية لا تمتّ إلى السيادة اللبنانية بأي صلة.
وتفيد المعطيات أن حالة من التململ بدأت تتوسع داخل أروقة وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي، نتيجة نهج الوزير الذي يعتمد على المقاربات الشعبوية والمواقف الإعلامية السريعة، بدل الحنكة، والرصانة، والاحتراف المطلوب من رأس الدبلوماسية اللبنانية، لا سيّما في مرحلة دقيقة كهذه تمرّ بها البلاد.
أما جوهر المشكلة، فيكمن في تفرّد الوزير بمصير علاقات لبنان الخارجية عبر خطوات غير مدروسة، تضع البلاد أمام مزيد من المخاطر والعزلة، بدل أن تفتح لها نوافذ الدعم والانفتاح الإقليمي والدولي.
ويبقى السؤال: هل يدرك رئيس الحكومة نواف سلام خطورة ما يقوم به وزير خارجيته؟ أم أن مسلسل الصمت الحكومي سيبقى مستمرًا، فيما يتحوّل الأداء السياسي إلى مشهد من مسرحية “شاهد ما شفش حاجة”؟
I received the Turkish Ambassador to Lebanon, Murat Lütem, and discussed with him the issue of the four Maronite villages in northern Cyprus and the conditions of their inhabitants. I handed him a Note Verbale on the matter and expressed my hope that the Turkish government would… pic.twitter.com/OOIrbgXZ4R
— Youssef Raggi (@YoussefRaggi) April 9, 2025