اقليمي ودولي

الثلاثاء 08 نيسان 2025 - 08:36

مراهقون يُسلّحون من طهران... والهدف: السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم!

مراهقون يُسلّحون من طهران... والهدف: السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم!

في إحدى أمسيات أيار الماضي، خيّم الظلام على العاصمة السويدية ستوكهولم، ودخلت المدينة في روتينها الليلي المعتاد، حيث تنشط شبكات الجريمة المنظمة.


وفي مدينة فاستيروس، الواقعة على ضفاف بحيرة غرب العاصمة، أنهت أمّ روتينها المسائي مطمئنةً إلى أن ابنها البالغ من العمر 15 عامًا نائم في سريره. لكن، قبيل منتصف الليل، استيقظ المراهق بصمت وتسلّل إلى الخارج، لتنفيذ مهمة اعتقد أنها ستنتهي قبل بزوغ الفجر، وقبل امتحان الرياضيات صباحًا.


في الخارج، كانت سيارة "أوبر" بانتظاره، وقد رتّب آخرون هذه الوسيلة له، بحسب وثائق الشرطة والمحكمة التي كشفت لاحقًا تفاصيل الرحلة عبر رسائل نصية متبادلة. وبعد وقت قصير من بدء الجزء الأخير من رحلته، داهمته الشرطة وأوقفته.


لكن بعد أكثر من 24 ساعة، تمكّن فتى آخر يبلغ من العمر 14 عامًا من الوصول، ومعه مسدس نصف آلي من عيار 9 ملم، وأطلق عدة طلقات قرب السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم عند الساعة الثانية فجرًا، قبل أن يُعتقل.


ورغم أن الفتى الأصغر لم يُحاكم كونه قاصرًا، أُدين المراهق ذو الـ15 عامًا بجرائم خطيرة متعلّقة بحيازة السلاح، وحُكم عليه بقضاء 11 شهرًا في دار لرعاية الأحداث.

الشرطة السويدية أكدت أن تلك الحوادث كانت من ضمن عدة محاولات استهدفت السفارة الإسرائيلية العام الماضي. مصادر استخبارية سويدية قالت لشبكة CNN إن عصابات تعمل لصالح إيران كانت وراء هذه الهجمات، في تصعيد خطير ينذر بتوسيع نطاق الصراع الإقليمي إلى أوروبا.


السويد تشهد تصاعدًا غير مسبوق في عنف العصابات، يشمل بشكل متزايد الأطفال والمراهقين. وتفيد شهادات أكثر من 20 مصدرًا، بينهم أعضاء سابقون في عصابات، واختصاصيون اجتماعيون، ومدّعون عامون، وخبراء في علم الجريمة، أن العصابات تُجنّد أطفالًا لتنفيذ أعمال عنف. وتُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كأداة أساسية في هذا التجنيد، حيث يُدرّب هؤلاء عبر الإنترنت على تنفيذ عمليات تتراوح بين التخريب والتفجيرات والقتل المأجور.


في حين نفت السفارة الإيرانية في ستوكهولم هذه الاتهامات، ووصفتها بـ"المعلومات الكاذبة والدعائية" التي تُروّج لها إسرائيل، رفضت السلطات الإيرانية لاحقًا التعليق على تحقيقات CNN، في وقت أكد فيه عدد من الضباط الأمنيين السويديين أن طهران تتعاون مع عصابات محلية في عمليات تستهدف مصالح إسرائيلية ويهودية.

بحسب التحقيقات، فإن عصابتي "فوكستروت" و"رومبا" السويديتين تلقتا تعليمات من إيران لتنفيذ هجمات على السفارة الإسرائيلية خلال العام 2024.


بين هذه الهجمات: محاولة تفجير في 31 كانون الثاني، هجوم أُحبط في 16 أيار، إطلاق نار في 17 أيار، وآخر في 1 تشرين الأول.


وأكد المدعي العام السويدي أن المشتبه به في هجوم تشرين الأول كان على صلة بانفجارات استهدفت السفارة الإسرائيلية في كوبنهاغن باليوم التالي. التحقيقات ما زالت جارية.


معظم المتورطين كانوا دون 18 عامًا، ويُعاملون بموجب قانون جنائي يركّز على الإصلاح بدلًا من العقوبة. وتشير سجلات المحكمة إلى أن هؤلاء الصغار لم يكونوا يدركون من كان يُحرّكهم من الخلف.


وقال فريدريك هالستروم، رئيس العمليات في الاستخبارات السويدية: "تصبح مشكلة حين تستخدم دولة أخرى كإيران هؤلاء الأطفال كوكلاء"، معتبرًا ذلك نوعًا من "القتل المأجور مقابل خدمات"، ومشيرًا إلى أن الجريمة المنظمة في السويد أصبحت نقطة ضعف تستغلها قوى دولية.

الصراع بين إيران وإسرائيل تطوّر من مواجهة سرية في الشرق الأوسط إلى تهديد مباشر داخل أوروبا.


الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سبق أن حذّرت من تزايد أنشطة إيران التجسسية، عبر عملاء ووكلاء يستهدفون معارضين وصحافيين وإسرائيليين ويهودًا.


CNN كشفت عن محاولات هجوم على كنيس يهودي ومركز تذكاري يهودي في ألمانيا، ومطعم يهودي في اليونان. في إحدى الحالات، أفادت المحكمة أن المتهم تعرّض للضغط للقيام بالعمل رغم خلو سجله من أي سوابق.

رغم سمعتها كدولة متقدمة في نظام الرعاية الاجتماعية، باتت السويد اليوم تُعرف بواحدة من أعلى معدلات جرائم السلاح في أوروبا، بحسب المجلس الوطني السويدي لمنع الجريمة (BRA).


الوضع دفع اليمين السويدي إلى الحكم عام 2022، واعدًا بإجراءات صارمة لمكافحة الجريمة، منها تشديد قوانين الهجرة ورفع العقوبات وتوسيع المراقبة الأمنية.


لكن المنتقدين يرون أن هذه السياسات لم تُعالج جذور الأزمة المرتبطة بالتفاوت الاقتصادي والعزلة الاجتماعية.


وفي كانون الثاني 2025 فقط، سُجل 33 انفجارًا مرتبطًا بالعصابات، وهو الرقم الأعلى بتاريخ السويد.


كما أن 30٪ من المشتبه بهم في جرائم القتل بالأسلحة خلال 2024 كانوا دون 18 عامًا، مقابل 20٪ فقط في السنوات السابقة.


وارتفعت نسبة المتورطين في حيازة أسلحة غير شرعية من الفئة العمرية 15-17 عامًا من 5٪ عام 2012 إلى 11٪ في 2022.

يقول جون فورسبيرغ، مسؤول في الشرطة السويدية: "إنها كارثة وطنية"، مشيرًا إلى أن الأطفال يعبرون الحدود لارتكاب جرائم، ما يجعلها مشكلة أوروبية شاملة.


وتُغري العصابات هؤلاء بصور براقة من المال والمكانة الاجتماعية. وفي البداية، توكل إليهم مهام بسيطة، قبل أن تتصاعد.


ويوضح لؤي محجب، محقّق سابق: "إنهم مهووسون بفكرة امتلاك المال لشراء الملابس"، مشيرًا إلى أن الأمر يتعدى الجشع، ويصل إلى بحث عميق عن هوية وانتماء اجتماعي.


ويقول رينيه لوبوس، عضو سابق في عصابة، ويعمل اليوم على مساعدة الأطفال للخروج من هذا العالم: "عليك أن ترى جذور المشكلة. هؤلاء الشباب لا يشعرون بالأمان، ولا يجدون قدوة، والعصابة تعطيهم إحساسًا بالانتماء".


والدة الفتى الذي أُوقف في طريقه إلى السفارة قالت إن ابنها كان ضحية استغلال، وإن مَن أوكلوا إليه "الوظيفة" كانوا أشبه بـ"إخوته الكبار"، يُشعرونه بالأمان والدعم والانتماء.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة