على الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف أعلن رسمياً انسحابه من منصب مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وأكد عزوفه عن العودة إلى المناصب التنفيذية، إلا أن اسمه لا يزال يتردد بقوة في الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، كأحد الشخصيات المحورية والمؤثرة في ملف السياسة الخارجية.
فقد راجت تكهّنات حول احتمال عودته إلى صدارة المشهد السياسي، لا سيما في سياق ما تردد عن قرب انطلاق "مفاوضات بين طهران وواشنطن"، وفق ما نقلت صحيفة "شرق" الإيرانية الإصلاحية.
إذ أشارت مصادر غير رسمية إلى أن اجتماعاً سرياً عُقد صباح الجمعة الماضية، ضم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، ورئيس لجنة التخطيط والموازنة حميد رضا حاجي بابائي، مع المرشد علي خامنئي، تم خلاله التوصل إلى تفاهم بشأن "إطلاق مفاوضات مباشرة" مع الولايات المتحدة. كما لفتت إلى أنه تم اختيار ثلاثة شخصيات سياسية لتنفيذ هذه المهمة، هم الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني، وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام ومن قادة الحرس الثوري محمد فروزنده، ووزير الخارجية الأسبق.
في حين أشارت التقديرات إلى أن هذه المفاوضات قد تبدأ مطلع حزيران 2025، أو منتصفه.
في المقابل، نفى مقربون من ظريف في حديث لصحيفة "شرق" صحة ما تردد بشكل قاطع. وهذه ليست المرة الأولى التي يُثار فيها الحديث عن عودة محتملة لظريف إلى المشهد السياسي؛ إذ سبق أن تداولت بعض الأوساط شائعة تعيينه مستشاراً للشؤون الدولية لخامنئي، وهو ما نفاه الناشط الإعلامي المحافظ هاتف صالحي لاحقاً.
لكن رغم النفي الرسمي وغير الرسمي، فإن تداول اسم ظريف في سياق السيناريوهات المستقبلية للسياسة الخارجية الإيرانية وخاصة فيما يتعلق بالمفاوضات النووية، يؤكد على حضوره المستمر ومكانته الراسخة في طهران. ووفقًا لتعبير صحيفة "شرق"، فإن "صمت ظريف هو صمت مسموع"، وهي عبارة قد تُجسد بدقة وضع دبلوماسي لا يزال يُنظر إليه كخيار جدي في لحظات التحوّل والمواجهة الدبلوماسية.
تجدر الإشارة إلى أن ظريف لعب دوراً محورياً في المفاوضات النووية خلال حكومة الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني (2013-2021)، حيث ترأس الفريق المفاوض مع مجموعة 5+1، التي ضمت أعضاء مجلس الأمن الخمسة بالإضافة إلى ألمانيا وأسهم بشكل مباشر إلى جانب وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري في التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دورته الرئاسية الأولى في 2018.
وكان هذا الاتفاق اعتُبر حينها نقطة تحول في سياسة إيران الخارجية مع الغرب، وجعل من ظريف شخصية دبلوماسية بارزة على الساحة الدولية لكنه جلب له في الوقت ذاته عداء المتشددين في إيران.