أفادت مصادر متعددة لوكالة "رويترز" أن تركيا قامت بتفقد ثلاث قواعد جوية على الأقل في سوريا، وقد تكون بصدد نشر قواتها فيها كجزء من اتفاق دفاعي مشترك محتمل، وذلك قبل أن تقوم إسرائيل بقصف هذه المواقع في ضربات جوية هذا الأسبوع.
وقالت مصادر من داخل المنطقة إن الضربات الإسرائيلية، بما في ذلك القصف المكثف الذي وقع مساء الأربعاء، استهدفت المواقع الثلاثة التي كانت قد زارتها تركيا، على الرغم من المحاولات التركية لطمأنة واشنطن بأن تعزيز وجودها العسكري في سوريا لا يهدف إلى تهديد إسرائيل.
وأثار تزايد نفوذ الجماعات الإسلامية في سوريا قلق إسرائيل، حيث تخشى من انتشار هذه الجماعات على حدودها، وتضغط على الولايات المتحدة لتقليص النفوذ التركي في المنطقة. كما أن تركيا، التي كانت تدعم المعارضة السورية ضد نظام الأسد، تستعد للعب دور محوري في سوريا مع احتمال إبرام اتفاق دفاعي مشترك قد يتضمن إقامة قواعد تركية في وسط البلاد، إلى جانب استخدام المجال الجوي السوري.
وذكرت مصادر متعددة أن فرقًا عسكرية تركية قد زارت مؤخرًا قاعدة "تي 4" وقاعدة "تدمر" الجويتين في محافظة حمص، بالإضافة إلى المطار الرئيسي في محافظة حماة. ولم تكشف هذه المصادر عن هوياتها بسبب حساسية المعلومات. ووفقًا لمسؤول مخابرات إقليمي، قامت الفرق التركية بتقييم حالة مدارج الطائرات، الحظائر، والبنى التحتية الأخرى في هذه القواعد.
وأكدت المصادر العسكرية أن زيارة أخرى كانت مقررة إلى قاعدتي "تي 4" و"تدمر" في 25 آذار تم إلغاؤها بعد قصف إسرائيل لهما قبل ساعات من الموعد المحدد. وقال المسؤول في المخابرات إن الضربات التي استهدفت قاعدة "تي 4" دمرت المدرج، البرج، وحظائر الطائرات، بالإضافة إلى طائرات على الأرض، ما أرسل رسالة قوية بأن إسرائيل لن تقبل بوجود تركي موسع في سوريا.
من جانبه، قال مصدر سوري مقرب من تركيا إن قاعدة "تي 4" لم تعد صالحة للعمل بسبب الأضرار التي لحقت بها. فيما رد مسؤول في وزارة الدفاع التركية على أسئلة حول الزيارات بأن التقارير المتعلقة بتطورات الوضع في سوريا يجب أن تؤخذ بحذر، نظرًا لكونها لم تصدر عن السلطات الرسمية، وبالتالي قد تكون مضللة.
وفي وقت لاحق، أعلنت إسرائيل أنها دمرت قاعدة "تي 4" وقدرات عسكرية أخرى في مناطق متفرقة بسوريا، بما في ذلك محافظة حماة وحمص، إضافة إلى بنية تحتية عسكرية في دمشق. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن هذه الضربات كانت بمثابة تحذير لإسرائيل بأن "أي تهديد لأمن الدولة الإسرائيلية لن يُسمح به". وبدوره، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أنقرة بالسعي إلى إقامة "محمية تركية" في سوريا.
من جهة أخرى، أشار خبراء إلى أن إسرائيل قلقة من أن تركيا قد تنقل أنظمة دفاع جوية روسية وطائرات مسيرة إلى قاعدة "تي 4"، مما سيعزز التفوق الجوي التركي في المنطقة ويشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلي. في هذا السياق، أكدت نوا لازيمي، المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، أن تركيا ستحصل على تفوق جوي قد يؤثر على حرية العمليات الإسرائيلية في المنطقة.
وأضافت المصادر أن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قد أبلغ المسؤولين الأمريكيين في واشنطن الشهر الماضي أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يشكل تهديدًا لدول الجوار، وأن أنقرة تدرس خطواتها بدقة نحو إبرام اتفاق دفاعي مشترك دون أن تثير غضب واشنطن.
من جانب آخر، أكد مسؤول في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أن تركيا هي من ستدفع الثمن الأكبر في حال حدوث أي فشل أو زعزعة استقرار في سوريا، مشيرًا إلى أن هذا يشمل قضايا اللاجئين والأمن.
وأوضح سونر جاغابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، أن تركيا وإسرائيل قد يكونان على "مسار صدام أيديولوجي"، لكن من الممكن تجنب التصعيد العسكري بوساطة أمريكية.