خاص ليبانون ديبايت

روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت
الاثنين 31 آذار 2025 - 12:29 ليبانون ديبايت
روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت

لا حاجة بعد اليوم إلى البالستي

لا حاجة بعد اليوم إلى البالستي

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا


في السرديّاتِ السائدةِ قُضِيَ الأمر. دخَلنا الزمنَ الأميركي. الناسُ على دينِ حكّامِها وتخافُ معاكسةَ الأزمنةِ السائدةِ خصوصًا إذا كان بأسُها شديدًا. سنشهدُ لغةً جديدةً لا حاجةَ بنا معها إلى تردادِ مفرداتها. في هذه المرحلةِ سيتركزُ القصفُ ليس فقط من المسيّراتِ بل من الألسنةِ والمذاييع. سيُضطرُّ أهلُ اللغةِ الأصليةِ لأخذِ الحيطةِ القصوى والحذرِ الشديد وربما يُتَّخَذُ القرارُ باصطيادِهم في أسرّتهم أو في الشوارع.


أن تقاوِمَ وإن في لغتِكَ سيكون ذلك ضمنَ احتمالاتِ التجريمِ والتحريم. بالفعل. وَلَجْنا عصرًا لغويًا يصحُّ أن نسميه الهيروغليفية المحدثة. عصا بدلَ الألف ومقاومةٌ بحرفِ الكاف بدلَ القاف لتفادي عقوبات إيلون ماسك ومايك زوكربرغ. وكأنهُ حلمٌ تنبّؤيٌ لسعيد عقل الذي ابتدعَ لغةً بحروفٍ جديدة. ( لولا مقولتُه المخيفة" على كلِّ لبنانيٍ أن يقتلَ فلسطينيًا" لكان بزَّ المتنبي شعرًا وضادًا).


إذَن. دخلنا العصر الأمبراطوري. مع الأمبراطور وجبَ حملُ المباخرِ والمحابر. الناس يعشقونَ القوةَ بقدر ما يستهابونها. عبثًا تحاول معهم لغة حقوقية. ما أن تكشف لهم المواثيق الدولية والشرائع الأممية والشواهد التاريخية ان الصراع بين العبد والطاغية ينتهي دائمًا بانتصار العبد على عبوديته وبانكسار الطاغية. جوابهم نمطي بامتياز. مَرَضي بامتياز. شبعنا حروبًا. نريد ان نعيش. فليقلّع العبد شوكه بشهدائه. عبثًا تحاول إقناعهم ان فلسطين ولبنان في المركب نفسه. هؤلاء مستعدون للقفز في البحر. بين التجديف مع إخوتهم يفضلون التجذيف. إذن وبعد البحث غير المجدي والتدقيق المسَطَّح يصبح أصحاب الحق مجانين من أتباع المُوَسوَسين والطاغية من أتباع سقراط.


ما يستثير المشاعر هو الحقد. أكبر عدد من هؤلاء في لبنان. حقد طائفي مع مركّب نقص. لا مكان مع هؤلاء للسياسة. مشكلتهم مع الله عزّ وجلّ. إنجيلهم سيف وقرآنهم سكين. يشنون حرب نصوص على النفوس. لا ينفع معه يسوع ولا محمد ولا مريم. عبثًا تحاول أخذهم إلى حوار. هناك حيّز يلتقي فيه " قدِّم سلاحك" وسلِّم سلاحَك". حيّز كرامة البلد. حصرية السلاح هي الموضة الجديدة. يرتدونها ماركة مسجلة اسرائيليًا. التواصل الاجتماعي الحلبة أو قل منصات الاحتراب الاجتماعي. البيت الأبيض قرر استقبال المؤثرين فيها كإعلاميين. في لبنان قد يطالبون بنقابة. نقابة الاحتراب الاجتماعي.


التطبيع عنوان المرحلة. صحيح. ولكن العودة إلى المقاومة كمشروع ثقافي أيضًا. مشروع كلمة موزونة لا بد وأن تترافق مع مشروع بندقية. من يقدر على مواجهة قذيفة محمولة على كتف ابن شهيد من الجنوب؟ عدنا إلى لغة بائدة؟ نعم. ليس نحن الذين نكتب. نحن الذين نرى ابن الشهيد يثأر لأبيه الشهيد. في هذا المسار الكاتيوشا بنفس فاعلية شاهد وفادي. ابن الشهيد لا يحتاج إلى بالستي. يحتاج إلى أي شيء محمول. كل مشروع التطبيع يتعطّل بأي شيء محمول. لذلك لا بد من معالجة سلب الحق باسترداده لا بقمع صاحب الحق.


ليس صحيحًا اننا دخلنا العصر الإمبراطوري. دخلنا عصر المحمول. مع هذا العصر لا تنفع مسيرات ولا حاملات طائرات ولا صواريخ عابرة. كلها عابرة والحق باق. بأستعير من قدموس سعيد عقل الذي لم تُكَفَّر ذنوبه بالكتابة عن الشام والقدس العتيقة: سوف نبقى، يشاءُ أم لا يشاءُ الغير، فاصمُد لبنان ما بكَ وهن، سوف نبقى لا بدَّ في الأرضِ مِن حقٍّ وما مِن حقٍّ إِن لم نبقَ نحن!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة