ألقى المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان خطبة عيد الفطر في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة بعد أداء صلاة العيد. وتوجه في كلمته إلى المؤمنين بالتهنئة بمناسبة عيد الفطر المبارك، معتبراً أن شهر رمضان هو فرصة للتضحية والصبر والتمسك بالهوية الدينية والوطنية.
وأشار إلى أن هذا العيد يذكر المؤمنين بما يتطلبه الوقوف في وجه التحديات الكبيرة، مؤكداً أن دعم المظلومين في غزة وأماكن أخرى من العالم هو جزء أساسي من الهوية الإسلامية.
وقال قبلان: "مباركٌ لكم صيام وقيام شهر رمضان الأكرم، بكل ما يعنيه شهر الله من كفاح وصبر وصمود وثبات، وتأكيد لهويتنا وانتمائنا لله سبحانه وتعالى. بهذه الروح المسلِّمة نطلّ على عيد الفطر بكل ما يعنيه من منحة إلهية، وجائزة ربانية، مأخوذ فيها تأييد الله وحضوره في ساحات صبرنا ووجعنا وآلامنا، لتقوية تصميمنا ودعم ثباتنا في قضايا الوطن والمظلوميات، ومنه الانخراط المكلِف للغاية بدعم المظلومين الغرباء في غزة وغيرهم، الذين ضيّعهم أغلب العرب والمسلمين للأسف، فضلاً عن تواطئ العالم كله عليهم، ومعيارنا هنا قول الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)".
وتابع: "بهذا السياق، من صميم روح هذا العيد المبارك، ومن نفحات شهر الله تعالى، نتعلّم الكفاح والإصرار والتضحية والبذل والعناد بالحق، لنطلّ على واقعنا الأليم في هذا البلد، خاصة أن هناك من يحاول معاقبتنا لأننا مقاومة، ويصرّ على تركعينا لأننا في مواجهة الصهاينة، ويُجلب علينا لأننا أسيادٌ بوطننا، ويعمل على خنقنا لأن مشروعنا السيادي لا يقبل بتطويب البلد للصهاينة وحلفائهم".
وأضاف: "هناك من يصرّ على تركنا فوق الرُكام، كل هذا فقط لأننا يوماً حرّرنا لبنان، وهزمنا إسرائيل، وما زلنا ضمانة هذا البلد المظلوم، ولكن الخطير أن هناك من يريد أن يثأر لهزيمة إسرائيل عند تخوم الخيام. واللحظة مُرّة، وواقع البلد كارثي، والمشكلة بالنوايا، وفتيل الفتنة عند من يصرّ على محاصرتنا ومعاقبتنا وقطع الهواء عنا، ولو تمكّن من دفننا أحياء لفعل".
وفي هذا السياق، أكد قبلان قائلاً: "بصراحة أكثر: هناك من يريد اذلالنا وتدفيعنا ثمن تحرير لبنان وقتال أسوأ كيان إرهابي في المنطقة والعالم، ولكننا أمةٌ لا تركع، وطائفة لا تعرف الذل، وكيف نعرفه وإمامنا الحسين؟ فالحسين إباءٌ مطلق وتضحية مطلقة ونخوة مطلقة، وما تركنا الحسين ولن نترك الحسين. واللحظة للتاريخ، ولسنا ممن يخون لبنان، ولا ممن يقبل بمذلة أو حصار أو عقاب أو خرائط إنهاك وانقضاض".
وتابع قائلاً: "إن قوة لبنان من قوة شعبه وتضامن طوائفه، وقدرة هذه الطوائف على ضمان مصالحها المشتركة بعيداً عن النزق السياسي، والدولة دستورية بمقدار دستورية مكوّناتها ووظيفتها الوطنية، لا خنق بعضها ونصب الكمائن للنيل من صميم مكوّناتها".
كما أشار قبلان إلى: "الخارج وحش ومجرم، ولعنة الخارج ما زالت تلازم لبنان، ولا مكان للعواطف بخرائط الخارج وغرفه السوداء، بما في ذلك أخوة يوسف. وما نريده هو دولة تشبه شعبها، دولة تعكس تمثيلها الوطني بقضايا ناسها، خصوصاً الجنوب الذي خاض ملحمة التضحيات التاريخية ليستعيد لبنان وقد استعاده. نريد دولة تدعم ناسها، لا دولة تتعاون مع الخارج لخنقهم".
واستطرد قائلاً: "لبنان يجب أن يكون دولة مستقلة بقرارها، والدولة دولة بمقدار مصالح شعبها، لا دولة تبتز نصف شعبها لدعم الخارج، ولا دولة تدوس على ركام شعبها وتصر على تركهم بالعراء من أجل عين أميركا وأخواتها".
وأكد قبلان: "نحن جماعة هيهات منا الذلة، ولا نصبر على المزيد من مشاريع الإذلال والإنهاك. لبنان لن يكون مُطبّعاً، ولن نسمح بتطويب لبنان لأي أحد، لا لأميركا ولا لغيرها. خياراتنا مدروسة، ونحن طائفة قدّمت كل ما لديها وما زالت تقدم أجيالها الأكابر".
وتطرق قبلان أيضاً إلى الانتخابات النيابية قائلاً: "الانتخابات النيابية خيار سياسي وثقافي وتمثيلي. وهنا في لبنان، خيار وجود ودفاع عن الذات، منع اقتلاع ودرع مقاومة وسيادة للبنان الذي نعرفه، ويجب أن ندافع عن وجودنا وعن ميثاقيتنا وثقلنا وسيادتنا وتضحياتنا التاريخية. المعركة معركة كتل نيابية، لا معركة أفراد. ونحن أمام لحظة استثنائية جداً ومصيرية جداً".
كما دعا إلى: "دعم حركة أمل وحزب الله بكل قوة وتماسك وانضباط، لأن الانتخابات النيابية مفصل مصيري، ولا يجوز إضعاف هذا الخيار أو توهينه. في حال ضعف هذا الخيار، سيصب ذلك في مصلحة إسرائيل وأعداء لبنان".
وفي ختام خطبته، شدد على أن "اللعب بالتمثيل الميثاقي لعب بمصير لبنان، ولن نتجرّع كأس الانتداب مرة أخرى. سيادة لبنان هي أمانة في أعناقنا، ولن نسمح لأي كان أن يساوم على هذا الحق".
وختم قبلان بالتأكيد على أن "حماية الدولة والسلم الأهلي من مشروع فتنة دولية ضرورة لبقاء لبنان، والمطلوب سيادة وطن لا تسوّل وطن. سيادة لبنان هي سيادة وطنية تحميه من التآمر والخيانة".