خاص ليبانون ديبايت

السبت 29 آذار 2025 - 08:29

إذا لم تفتح المصارف دفاترها... فالتهمة ثابتة!

إذا لم تفتح المصارف دفاترها... فالتهمة ثابتة!

"ليبانون ديبايت" - الوزير السابق فادي عبود


أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام من السراي الكبير أن رفع السرية المصرفية هو ركيزة أساسية للإصلاح المالي في لبنان، في الوقت الذي يضع فيه صندوق النقد الدولي شرط رفع السرية المصرفية كشرط أساسي لمساعدة لبنان.


لكن، يا دولة الرئيس، بدلًا من إلغاء السرية المصرفية، يجب العمل سريعًا على قانون للشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة.


فالشفافية المطلقة تضبط السرقة من المنبع، بدلًا من ملاحقة الحسابات هنا وهناك. الشفافية تغنيك عن إلغاء السرية المصرفية، التي تُعد إحدى الميزات الأساسية للبنان.


إن قانون السرية المصرفية ليس هو المسؤول عن الفساد في لبنان، وإلغاؤه اليوم لن يحقق أي نتيجة في عملية مكافحة الفساد أو في معالجة مشكلتنا مع المصارف.


نُكرّر: ليست السرية المصرفية هي المسؤولة عن الفساد، بل غياب الشفافية عن كل معاملات الدولة وصرفها.


فلماذا سألاحق حسابًا مصرفيًا لأحد المسؤولين، بينما أحتاج أولًا إلى معرفة كيفية التصرف بالمال العام؟ يجب أن أعرف قيمة الأموال التي تدخل الدولة وكيف يتم صرفها، ومن المخوَّل بالتصرف بها، وكذلك تفاصيل الرواتب والتعويضات والمصاريف، فضلًا عن الصناديق والهيئات وكيفية إدارتها لأموالنا. فمال الدولة يأتي من الضرائب التي ندفعها، ومن حقنا أن نعرف أين يذهب كل قرش.


من المؤكد أن الشفافية المطلقة أكثر جدوى وفعالية من أي وسيلة أخرى، خاصة أن هناك تأكيدًا قانونيًا بأن المال العام لا يخضع للسرية المصرفية.


هذا ما أكدته مطالعة هيئة التشريع والاستشارات ونقابة المحامين، حيث تم التشديد على أن السرية المصرفية تنطبق فقط على الحسابات الخاصة، وليس على حسابات الدولة. وحتى لو لم يكن ذلك واضحًا في القوانين الحالية، فعلينا تعديلها بما يضمن أن المال العام لا يخضع لأي سرية مهما كانت.


لذلك، المطلوب هو تطبيق الشفافية المطلقة مع الإبقاء على السرية المصرفية، التي تظل إحدى الميزات الأساسية للبنان، حين — وإذا — استعاد القطاع المصرفي عافيته.


سؤالنا اليوم:


لماذا لا تطلبون، يا دولة الرئيس، من المصارف الكشف عن حساباتها قبل وضع تصوّر للحلول؟


من غير المنطقي البدء بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ووضع حلول للأزمة قبل امتلاك جميع الحقائق. ونحن لا نتحدث هنا عن الحسابات الفردية، بل عن الحسابات العامة بين المصارف ومصرف لبنان. ما يعنينا هو حجم الأموال التي ضاعت بين المركزي والمصارف، وليس ما يملكه الأفراد.


كل هذه الأسئلة، التي سألناها مرارًا، لا تشملها السرية المصرفية، وبالتالي، نرجو ألا تلجأ المصارف إلى التذرع بها لعدم الإفصاح عن هذه المعلومات. فليس لدينا أي اهتمام بالأسماء أو العمليات التجارية الخاصة، إنما نطالب فقط بمعرفة المبالغ العامة المتداولة بين المصارف والمصرف المركزي. لماذا لا تجيب المصارف عن هذه الأسئلة؟


إذا لم يتم تقديم إجابات واضحة وشفافة، فهذا يعني شيئًا واحدًا: أن المصارف شريكة أساسية في عملية النصب الحاصلة، ومتواطئة في الاستيلاء على أموال المودعين.


لذلك، نُكرّر اتهامنا بأن المصارف اغتنت من ودائع الناس، ونطالبها بأن تفتح دفاترها لتبرهن لنا أننا على خطأ.


المطلوب اليوم، قبل أي خطوة أخرى، هو إقرار وتطبيق قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، بحيث يشمل كل ما يتعلق مباشرة أو غير مباشرة بالمال العام وحسابات الدولة ومداخيلها. كل مسؤول يعترض على ذلك أو لا يسعى إلى تحقيقه، فهو حتمًا يتستر على الفساد.


إن مؤشر الإخلاص لمصلحة الوطن يقاس بمدى السعي لإقرار قانون الشفافية المطلقة، وليس بالتصريحات الفضفاضة.


قبل الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتحميل لبنان قروضًا جديدة، يجب كشف الحقيقة الكاملة عن الأزمة وتطبيق الشفافية المطلقة، حتى لا نقع في نفس الأخطاء السابقة.


ونحن نؤمن بأن إقرار القوانين اللازمة للشفافية المطلقة سيغنينا عن الحاجة إلى القروض الخارجية.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة