من شأن التوسّع في تحليل الإطلالات الإعلامية المتزايدة لنائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتيغاس، إماطة اللثام عن رسالة واضحة ومزدوجة إلى الحكومة، كما إلى "حزب الله"، الأولى عبر الضغط الديبلوماسي على لبنان لتنفيذ القرار 1701، والإعلان عن رفض أميركي ل"دولة داخل الدولة اللبنانية"، والثانية، الضغط على الحزب عبر المزيد من العقوبات الأميركية.
وبناءً على هذه المعطيات، يبدو مفيداً رصد الحراك الديبلوماسي العربي والغربي في بيروت في اليوم التالي بعد الخرق الأخطر لاتفاق وقف إطلاق النار منذ تشرين الثاني الماضي، ولكن من دون أن يهدّد بإسقاطه، خصوصاً وأن مطّلعين على هذا الحراك، يعترفون بأن السلطة اللبنانية، ومن خلال الإجراءات العسكرية المتّخذة في الأشهر القليلة الماضية، عمدت إلى الإلتزام بتطبيق ال1701، ويقوم الجيش بإخلاء مراكز ومخازن أسلحة للحزب جنوب نهر الليطاني على وجه الخصوص، وبأن هذه الخطوات مدعومة من حيث الموقف المُعلن من قيادة "حزب الله"، وإن كانت بعض الأسئلة لا تزال تُطرح حول السلاح في مناطق شمال الليطاني.
قد يكون ما يريده الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبنان وللمنطقة، قد شارف على نقطة النهاية من المنظار الديبلوماسي، إنما من حيث الوقائع، فإن المهلة الزمنية المحدّدة في الروزنامة الأميركية لبيروت من أجل تنفيذ المهمة المطلوبة، تترافق فيها الإصلاحات مع حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، ذلك أن المؤتمر الدولي المرتقب في فرنسا لتقديم الدعم للبنان من أجل إعادة الإعمار، لن ينعقد قبل شهرين، وبالتالي، على الجيش أن يقوم بمهامه وعلى الحكومة أن تقوم بالإصلاحات المطلوبة.
وعلى وقع ما حصل في الجنوب والضاحية من تصعيدٍ خطير في الساعات الماضية، فلا يمكن إسقاط عوامل إقليمية باتت حاضرة في المشهد الجنوبي في الآونة الأخيرة، ويحددّها المطلعون في طهران، مركز الرسائل الصاروخية غير المباشرة إلى واشنطن، حيث أن خروج الصواريخ "الفلسطينية" من جنوب لبنان، رمت بالمسؤولية مباشرةً على الحكومة، إلى أن أتت مواقف أورتيغاس الأخيرة، التي وصلت إلى مرحلة الضغط المباشر على الحكومة اللبنانية من أجل تنفيذ القرار 1701، وذلك عشية وصولها إلى المنطقة وزيارتها بيروت في الأيام المقبلة.
ولذلك، بات من السهل قراءة الموقف الأميركي كما البيانات الدولية إزاء دعم لبنان في رحلة إعادة بناء الدولة، وهو ترقّب الخطوات الإصلاحية وليس الخطابات، لأن المجتمع الدولي لن يستند إلى الوعود والبيانات الوزارية، وينتظر الأفعال. وبالتالي، وإلى حين انعقاد مؤتمرَين متوقعَين لدعم الإعمار ودعم الجيش، يركِّز المطّلعون، على عدم الإنزلاق إلى التفاصيل السياسية الداخلية والغرق في زواريب حسابات الربح والخسارة، لأنه في ظل فقدان الصورة الواضحة للقادم من الأيام، فإن التصعيد الإسرائيلي، يُنذر بتفجير الوضع في لحظة ما، وإقحامه في دائرة الفوضى والإطاحة بالفرصة الأخيرة التي يملكها لحماية الدولة.