خلال الحرب التي دارت رحاها بين حزب الله وإسرائيل العام الماضي، لعبت وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية دوراً بالغ الأهمية في تحديد الأهداف وتنفيذ اغتيالات لعدد من كبار قادة الحزب على مدار أشهر من المواجهات العنيفة. الصحيفة الإسرائيلية "إسرائيل هيوم" كشفت في تقرير حديث عن دور ضابطتين إسرائيليتين رفيعتين، اللتين كان لهما تأثير بالغ في ضرب حزب الله وتدمير قدراته العسكرية والسياسية.
الضابطتان اللتان شملتهما التقارير هما النقيب "د" والملازم "أو"، حيث ساهمتا بشكل كبير في اغتيال القيادي الرفيع في حزب الله، فؤاد شكر، الذي كان يعد بمثابة رئيس أركان الحزب. كما لعبتا دورًا محوريًا في استهداف وتفكيك القدرات العسكرية لحزب الله المدعوم من إيران.
ترأست النقيب "د" مكتب لبنان في قسم العمليات بمديرية استخبارات الجيش الإسرائيلي، وكان لها دور محوري في التخطيط لاغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في 27 ايلول 2024. وصرحت النقيب "د" بأن كل ما قامت به الوحدة، بما في ذلك عملية القضاء على نصر الله، كان يهدف إلى إضعاف الحزب بشكل كبير وضمان عدم تمكنه من استعادة قوته. وفي حديث لها، قالت: "كل ما فعلناه، حتى القضاء على نصر الله، كان يهدف إلى إضعاف الحزب وإيصاله إلى أدنى مستوياته."
اغتيال فؤاد شكر في أواخر تموز 2024 كان بداية مرحلة جديدة في الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله، حيث تبعه سلسلة من الهجمات التي طالت قياديين آخرين في الحزب. أما الهجمات التي استهدفت جهاز النداء (البيجر) في منتصف ايلول 2024، فقد كانت تحوّلاً جذريًا، حيث عطّلت هذه العمليات اتصالات حزب الله بشكل كامل، مما سهل المزيد من الضغوط على التنظيم.
من جانبها، أوضحت الملازم "أو" للصحيفة الإسرائيلية أن وحدة استخبارات الإشارات النخبوية التي انضمت إليها كانت جزءًا من جهاز استخباراتي حيوي، حيث أُنشئت بعد الحرب في لبنان عام 2006. وأكدت أن هذه الوحدة لعبت دورًا مزدوجًا في تخطيط وتنفيذ العمليات ضد حزب الله، بما في ذلك عمليات اغتيال وتفكيك شبكات الحزب المعقدة.
وقالت الملازم "أو" إن اللحظة الفارقة كانت اغتيال حسن نصر الله في 27 ايلول 2024، مشيرة إلى أن رئيس الفرقة هنأهم بعيد اغتياله، إلا أنه أكّد أن "الهدف لم يتحقق بعد"، الأمر الذي دفع الجيش الإسرائيلي للتركيز على استهداف شبكات حزب الله المالية واللوجستية.
وفي سياق آخر، كشفت النقيب "د" أن إسرائيل عملت على ضرب هيئات التمويل التابعة لحزب الله، وكذلك مجلسه التنفيذي. كما أضافت أن الجيش الإسرائيلي تعلم من الحروب السابقة مع حزب الله في الجنوب، مؤكدين أن المهمة لا تزال مستمرة لضمان "منع حزب الله من رفع رأسه"، على حد تعبيرها.
وقد خسر حزب الله العديد من القادة العسكريين والسياسيين البارزين منذ بداية الحرب في تشرين الاول 2023، بما في ذلك زعيم الحزب حسن نصر الله، الذي خلفه هاشم صفي الدين، الأمر الذي زاد من تعقيد الوضع العسكري في الجنوب.
منذ سبتمبر 2024، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على مختلف المناطق اللبنانية، خاصة الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تُعتبر معقل حزب الله. وقد شملت هذه الغارات سلسلة من الاغتيالات، كان أبرزها اغتيال نصر الله في حارة حريك، بالإضافة إلى استهداف عدد من القادة البارزين مثل علي كركي في 23 ايلول، وإبراهيم عقيل في 20 سبتمبر، وإبراهيم قبيسي في 25 ايلول.