أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون، في مقابلة خاصة مع صحيفة لو فيغارو، التزام بلاده الكامل بتطبيق القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي يدعو إلى وقف كامل للأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل. كما شدد على الدور الأساسي الذي تلعبه فرنسا في دعم لبنان، واصفًا إياها بـ"الأم الحامية"، ومشيدًا بالعلاقات التاريخية العميقة التي تربط البلدين منذ القرن السادس عشر.
وأشار الرئيس عون، الذي تم انتخابه في بداية العام، إلى أن زيارته المرتقبة لقصر الإليزيه، حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تهدف إلى التعبير عن شكر لبنان لدور فرنسا ومساعداتها المستمرة، بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في البلاد.
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي، كشف عون أن الحكومة الجديدة بدأت مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، حيث زار وفد من الصندوق لبنان وأبدى استعداده لمساعدة الحكومة في تطوير خطة للتعافي الاقتصادي. وأضاف أن البرلمان اللبناني سيقر قوانين تركز على مكافحة الفساد، ورفع السرية المصرفية، وإعادة هيكلة البنوك، وهي الشروط التي وضعها المجتمع الدولي لحصول لبنان على مساعدات تتراوح بين 11 و14 مليار دولار.
كما شدد الرئيس عون على أهمية استعادة الهيكلة المالية والمصرفية، مؤكدًا أن الإصلاحات هي المفتاح لاستعادة الثقة الوطنية والدولية، وهو ما اعتبره "الصيغة السحرية" لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية.
وأكد عون أن لبنان لا يستطيع أن يكون جزءًا من أي محور سياسي، مشددًا على أهمية التضامن والوحدة الداخلية لحماية البلاد من المخاطر الخارجية. وأوضح أن الجيش يعمل على استعادة السيطرة الكاملة على الأراضي اللبنانية، حيث تم تفكيك عدة مخيمات فلسطينية موالية لحزب الله وإيران، إلى جانب تنفيذ أكثر من 250 عملية مصادرة للأسلحة في الجنوب. وأضاف أن مجلس الوزراء قرر إرسال 4500 جندي إضافي لتعزيز الأمن في الجنوب، لكنه أشار إلى أن البلاد بحاجة إلى معالجة قضية السلاح الفلسطيني بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وحول الوضع في الجنوب، أكد الرئيس عون التزام بلاده الكامل بتنفيذ القرار 1701، مشيرًا إلى أن إسرائيل لا تحترم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2024.
وقال إن الحل يجب أن يكون دبلوماسيًا، عبر جهود فرنسا والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، لضمان انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان وإعادة الأسرى اللبنانيين المحتجزين. كما أشار إلى أن قضية مزارع شبعا المحتلة تتطلب مقاربة منفصلة مع سوريا، مؤكدًا أن لبنان متمسك بحقه في أراضيه. وعن اللاجئين السوريين، كشف الرئيس عون عن أن الحكومة تعمل على حل هذه القضية بالتنسيق مع الحكومة السورية، مؤكدًا أن استقرار سوريا سينعكس إيجابيًا على لبنان.
وأضاف أن أي حل يجب أن يكون مشتركًا بين البلدين، مشددًا على أهمية تشكيل حكومة سورية تمثل جميع مكونات الشعب السوري.
وفي حديثه عن الهجرة، أكد الرئيس عون أن لبنان يسعى لوقف نزيف الهجرة من خلال توفير الاستقرار السياسي والقضائي والأمني، بالإضافة إلى مكافحة الفساد وتحسين الوضع الاقتصادي. وقال: "المسيحيون ليسوا الوحيدين الذين يهاجرون، وأنا كرئيس لكل اللبنانيين، أسعى لمنحهم الأمل حتى يبقوا أو يعودوا".
أما فيما يتعلق بمصير جورج إبراهيم عبد الله، اللبناني المعتقل في فرنسا منذ عام 1984، فقد أكد الرئيس عون احترامه للعدالة الفرنسية، لكنه أشار إلى أن الحكومة تتابع قضيته، معتبرًا أن لبنان مسؤول عن جميع مواطنيه، تمامًا كما تفعل فرنسا تجاه مواطنيها. واختتم الرئيس عون حديثه بالتأكيد على أن لبنان يمر بمرحلة دقيقة تتطلب تعاونًا داخليًا ودعمًا دوليًا، مشددًا على ضرورة إعادة بناء الدولة على أسس المواطنة بعيدًا عن الانقسامات الطائفية، ومؤكدًا أن الإصلاحات المستمرة هي السبيل الوحيد لإنقاذ لبنان وضمان مستقبله.