رصد

الاثنين 10 آذار 2025 - 23:14

"علوي" صديق للشرع كان وراء سقوط الأسد.. من هو؟

placeholder

أعد مراسل مجلة "ايكونوميست" الإنكليزية في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، مادة توثيقية حول وصول الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع إلى سدّة الرئاسة، وعلاقة صديق أيام الدراسة العلوي خالد الأحمد الذي لعب دورًا مفصليًا في إسقاط الأسد.

في صباح أحد أيام صيف 2021، اقترب رجل ذو مظهر أنيق من نقطة عبور إلى سوريا يسيطر عليها متمردون. وبينما كان يغادر الحدود التركية، شعر خالد الأحمد بضيق في صدره. فهو من الطائفة العلوية، وكان مستشاراً مقرباً من الرئيس السابق بشار الأسد (2012 – 2018). ومن يسيطر على الأراضي التي كان على وشك الدخول إليها هم من الإسلاميين السُنّة المتشددين- العديد منهم يسعدون عندما يرون أشخاصاً مثل الأحمد يُعدمون.

كان حُراس المعبر يشيرون له بالتقدم نحو منطقة خالية إلّا من رجالٍ ملثمين كانوا ينتظرونه داخل سياراتهم السوداء اللون لمرافقته إلى وجهته. ألقوا نظرة سريعة على أوراقه الثبوتية، ثم طلبوا منه ركوب إحدى السيارات لينطلق "موكب المرافقة" بسرعة ويعبر مخيمات اللاجئين المزدحمة في إدلب- المدينة التي كانت بمثابة "المقر الرئيسي" لأقوى ميليشيا إسلامية في سوريا. توقف "الموكب" أمام منزل خرساني متعدد الطوابق، وكان زعيم الميليشيا، أحمد الشرع – أبو محمد الجولاني آنذاك – ينتظر.

في تلك الأيام، لم يكن أحد يعرف الكثير عن الجولاني (الشرع). كان مشهوراً بشغفه بألعاب القوة. وكان كثيراً ما يجعل زوّاره ينتظرونه، ما جعل الناس يفترضون أن ذلك كان للتأكيد على أهمية شخصه. ولكن عندما دخل الرجل العلوي مركز قيادته، سار الشرع نحوه مباشرة، وقبّله على وجنتيه ثلاث مرات، لأن الأحمد كان صديق الطفولة.

في مرحلة البلوغ، سلك الرجلان مسارات مختلفة تماماً: ارتقى الأحمد إلى منصب بارز في "قصر الشعب" الرئاسي المطل على دمشق (مستشاراً للأسد)، بينما خطَّط الشرع لعمليات انتحارية ضد النظام الذي يقيم في ذلك القصر.

وبحلول وقت لقائهما، في عام 2021، كانت الحرب الأهلية في سوريا قد مضى عليها عشر سنوات وأودت بحياة حوالي نصف مليون شخص وتشريد ملايين آخرين. كلا الجانبين (النظام والمعارضة) ارتكبا الفظائع بحق بعضهما البعض. وكلاهما كانا في قمة العنف والتشدّد في معتقداتهما. كان العديد من رفاق الشرع غارقين في عقيدة تنظيم "القاعدة" المتشددة، الذي كان يرى كل العقائد والأديان ـ باستثناء عقيدته ـ عبارة عن "هرطقة" (…). احتضن الشرع صديق الطفولة بقوة، وناداه بـ"أخي" و"حبيبي" و"رفيقي". وعن ذلك اللقاء قال الأحمد: "لقد رحّب بي كصديق، وليس كعلوي. لقد كان لقاء لم الشمل بعد طول غياب".

كان الأحمد قد طلب من وسطاء أتراك أن يؤمنوا له وسيلة اتصال بـ"القائد المتمرد" لأنه كان يعتقد أن نظام بشار الأسد يعيش أيامه الأخيرة. فالحرب الأهلية والحصار تسببا بإفلاس النظام، ورجال الأعمال الذين كانوا يساندونه بدأوا يتخلون عنه (…). وقد فكر (الأحمد) أنه لربما- وبحكم علاقته القديمة بالشرع- يستطيع التأثير على ما سيأتي بعد سقوط النظام.

عملياً لم يكن يُريد الانتظار حتى يصل المقاتلون الإسلاميون المتشددون إلى أبواب المدن والبلدات العلوية (…). أمضى الرجلان اليوم بأكمله في مقر الشرع في إدلب، يتناولان سندويشات الشاورما، ويتذكران طفولتهما، ويتحدثان عن السيناريوهات المتوقعة ما بعد بشار الأسد. كان الشرع واثقاً من النصر: فقد عرض على الأحمد مخططات معمارية عن كيف يريد إعادة بناء دمشق بعد أن يستولي عليها.

بدوره، وعد الأحمد الشرع بأن يتحدث مع الناس عن كيفية رسم مستقبل محتمل لسوريا. كانت فكرته الأولية تدور حول نوع من الفيدرالية تقوم على وجود الشرع في إدلب ونظام جديد في دمشق.

في أواخر عام 2024 خلال معركة إسقاط النظام السوري،لعب دور الوسيط والمفاوضبحسب صحيفة "إيكونوميست" البريطانية.

كان دوره الرئيسي يتمثل في التواصل مع كبار ضباط النظام المخلوع لتسهيل استسلامهم أو انسحابهم من دون قتال، مما سرّع انهيار النظام وسقوط دمشق من دون معركة دموية كبيرة.

وأثناء تقدم قوات "هيئة تحرير الشام" والفصائل المسلحة نحو حلب ودمشق، كان الأحمد يبعث برسائل إلى الضباط الكبار في قوات الأسد، ليقنعهم بعدم المقاومة وتسليم مواقعهم.

وبحسب "إيكونوميست" فقد نقل رسالة واضحة لقادة النظام مفادها: "لن تجري ملاحقتكم إذا انسحبتم"، ما أدى إلى تفكك خطوط دفاع النظام بسرعة مذهلة.

وحين بدأت قوات "هيئة تحرير الشام" بالهجوم على حلب، لعب الأحمد دوراً رئيسياً في إقناع القادة العسكريين بعدم خوض "معركة خاسرة".

وبفضل جهوده، سقطت المدينة بسرعة، وتمكن من التفاوض على إخراج 630 طالباً عسكرياً شاباً من الأكاديمية العسكرية، وإنقاذهم من القتال المحتوم.

وبعد سقوط حلب.. أبلغ الأحمد صديقه الشرع قائلاً: "الطريق إلى دمشق مفتوح"، في إشارة إلى انهيار النظام بالكامل.

ومع انهيار دفاعات النظام، استمر الأحمد في التواصل مع قادة "الحرس الجمهوري"، القوة الأساسية التي تحمي بشار الأسد، وأقنعهم بعدم القتال، ما أدى إلى تفكك الدفاعات حول العاصمة دمشق وسقوطها دون مقاومة تذكر.

وخلال المعركة، حافظ خالد الأحمد على اتصال مباشر ومستمر مع الشرع الذي تقلد لاحقا منصب الرئيس الانتقالي لسوريا، إذ كان يطلعه على التطورات الميدانية في صفوف النظام لحظة بلحظة، ويعمل على تأمين قنوات التواصل مع قادة النظام المنهار لضمان انسحابهم من دون مقاومة، مما أسهم في تفكك الدفاعات وسقوط دمشق بسرعة غير متوقعة.

وبعد انتصار الثورة وسقوط نظام الأسد، زار الأحمد دمشق مرات عدة، حيث التقى الشرع، وفقاً لما ذكرته "إيكونوميست"، التي أجرت مقابلة مع الأحمد.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة