من هو وزير الاقتصاد عامر البساط؟

ينحدر الدكتور عامر البساط من عائلة عريقة في الخدمة العامة في لبنان، إذ كان والده من المسؤولين البارزين بوزارة الاقتصاد، كما شغل عمه منصب رئيس الوزراء حتى وقت قريب. وُلد عامر في بيروت، وقد أكمل تعليمه الجامعي في الجامعة الأميركية في بيروت، مما شكل الأساس الأكاديمي لمسيرته اللاحقة.

المسار الأكاديمي والمهني
تعمق الدكتور بساط في مجال الاقتصاد والتمويل من خلال دراساته العليا في جامعة كولومبيا بنيويورك، حيث استفاد من فترة تواجده في البنك الدولي لتشكيل أطروحته للدكتوراه التي تناولت “التسلسل المثالي لإصلاح القطاع المالي في البلدان النامية”. بعد حصوله على درجة الدكتوراه في عام 1991، انطلق في مسيرة دولية حافلة، إذ انضم إلى صندوق النقد الدولي حيث تم تعيينه ضمن فريق العمل المرموق المتخصص في الشؤون الاقتصادية في روسيا، وشارك لاحقاً في مفاوضات عدة برامج اقتصادية مع دول مثل روسيا وأوكرانيا وكازاخستان ومصر.

بعد ثمانية أعوام من العمل في صندوق النقد الدولي، تحول الدكتور بساط إلى القطاع الخاص، حيث بدأ مسيرته البحثية كرئيس لاقتصاديات الأسواق الناشئة الأوروبية في شركة Salomon Brothers، ثم انتقل إلى إدارة الأصول حيث تقلدت مناصب رفيعة في Morgan Stanley Investment Management، ومكتب التداول الخاص بـUBS، وشركة Rubicon في لندن، حيث أصبح شريكاً في صندوق التحوط الكلي.

في عام 2007، انضم إلى زملائه السابقين في Morgan Stanley وأسهم في إطلاق صندوق Traxis EM للدخل الثابت والعملات الأجنبية، كما واصل نشاطه الأكاديمي من خلال تدريس مقررات متقدمة في نظرية النقد الدولي في جامعة كولومبيا والمشاركة في تأليف بحوث وكتب، منها المؤلَّف الذي صدر عام 2005 بعنوان "Covering Globalization". ويُعتبر الدكتور بساط عضواً فعالاً في مجال الثقافة والفنون، إذ يشغل عضوية مجالس إدارة متحف المترو الأمريكي العربي ومؤسسة علوان للفنون، إلى جانب حياته الأسرية التي يشكلها زواجه من الأستاذة نادية أبو الحاج في الأنثروبولوجيا.

الإنجازات والمناصب القيادية
يشغل الدكتور بساط حالياً منصب العضو المنتدب ورئيس استثمارات الأسواق السيادية والناشئة (ألفا) في شركة بلاك روك، حيث يدير فريقاً مسؤولاً عن إدارة نحو 20 مليار دولار من السندات الحكومية وسندات الشركات. وتعود مسيرته مع بلاك روك إلى عام 2013، ويعمل بشكل وثيق مع مديري المحافظ المالية في صياغة وتنفيذ استراتيجيات الاستثمار في مجالات الأسواق المحلية والعملات الأجنبية والائتمان السيادي.
وقبل انضمامه إلى بلاك روك، كان الدكتور بساط شريكاً في صناديق التحوط الكلي (Traxis وRubicon)، كما تقلد مناصب في إدارة المحافظ الاستثمارية لدى UBS وMorgan Stanley Investment Management، إضافة إلى خبرته كخبير اقتصادي أول في صندوق النقد الدولي بين عامي 1991 و1998.

علاوة على ذلك، يتمتع الدكتور بساط بخبرة أكاديمية واسعة، حيث قام بتدريس مقررات الاقتصاد على مستوى الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، وشارك في تأليف أوراق بحثية ومؤلفات تتناول قضايا العولمة والنمو الاقتصادي وتطوير القطاع المالي. وقد شغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة جمعية المصرفيين العرب في أميركا الشمالية (ABANA)، مما يؤكد دوره القيادي في الربط بين الجاليات العربية والقطاع المالي الدولي.

تكامل الخبرات الدولية والأكاديمية
يظهر من السيرة الذاتية للدكتور عامر بساط مزيجاً فريداً من الخبرة العملية في المؤسسات الدولية الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتجربة الواسعة في القطاع الخاص عبر بنوك واستثمارات عالمية. هذه الخبرات المتنوعة منحت الدكتور بساط فهماً عميقاً للتحديات الاقتصادية العالمية، سواء على مستوى السياسات النقدية أو استراتيجيات الاستثمار في الأسواق الناشئة.

التخصص في الأسواق الناشئة
يبرز تخصص الدكتور بساط في الأسواق الناشئة من خلال الأدوار التي شغلها في شركات كبرى مثل Salomon Brothers، Morgan Stanley، وBlackRock. هذا التوجه ينعكس على اهتمامه بتطوير استراتيجيات الاستثمار التي تأخذ في الاعتبار خصوصيات الأسواق المحلية والعملات الأجنبية والائتمان السيادي، مما يجعله مرجعاً مهماً في هذا المجال.

الجسر بين الأوساط الأكاديمية والعملية
لم يقتصر دور الدكتور بساط على العمل في المؤسسات المالية الكبرى فحسب، بل استمر أيضاً في الإسهام الأكاديمي من خلال التدريس والبحث العلمي. هذا الازدواج في المسار يساهم في نقل المعرفة والخبرات النظرية إلى التطبيق العملي في الأسواق المالية، كما يسهم في إعداد جيل جديد من الاقتصاديين والباحثين.

المشاركة المجتمعية والثقافية
بجانب إنجازاته الاقتصادية والمالية، يُظهر الدكتور بساط اهتماماً بالمجال الثقافي والفني من خلال عضويته في مجالس إدارة مؤسسات ثقافية. هذه المشاركة تعكس رؤية شاملة تربط بين الاقتصاد والمجتمع، مما يعزز دوره كمفكر شامل يسهم في التنمية المتوازنة.

القيادة والإنجازات المؤسسية
تُبرز المناصب القيادية التي تقلدها الشخصيات مثل الدكتور بساط، سواء في مجال الاستثمار أو في الجمعيات المهنية مثل ABANA، قدرتها على بناء شبكات علاقات استراتيجية والتأثير في السياسات المالية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والعالمي. إن الثقة التي يولونها في قيادتهم تبرز أهمية الخبرة والاحترافية في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.

تجسد سيرة الدكتور عامر بساط مثالاً متميزاً على كيفية الجمع بين الخبرة العملية في مؤسسات دولية كبرى والبحث الأكاديمي العميق، مما يؤدي إلى فهم متكامل للتحديات الاقتصادية وتطوير استراتيجيات استثمارية مبتكرة، خاصة في الأسواق الناشئة. كما تُظهر مشاركته في الحياة الثقافية والمهنية أهمية الدور القيادي الذي يلعبه في ربط مختلف المجالات لصالح التنمية الشاملة والمستدامة.