بين الحجاب والحرية... المرأة السورية في قلب الجدل المجتمعي

انتشرت في شوارع دمشق منشورات متباينة؛ الأول يدعو إلى ارتداء "الحجاب الشرعي" ويُظهر امرأة مغطاة بالكامل مع توضيح معايير الحجاب، والثاني يدعو إلى حرية اللباس ويُظهر امرأة ترتدي "تي شيرت" يحمل علم الثورة السورية.

هذه المنشورات، وفقًا للأكاديمي المتخصص بعلم الاجتماع طلال مصطفى، تعكس "حالة المخاض التي يعيشها المجتمع السوري".

وأوضح في حديث لموقع "الحرة" أن التغيرات السياسية تُترجم عادة إلى اهتزازات ثقافية واجتماعية في البلاد، مشيرًا إلى أن التنوع في الفصائل المسلحة بين معتدلة ومتشددة يُساهم في تعميق الانقسام الثقافي.

ورأى مصطفى أن سوريا، بفسيفسائها المتنوعة من الطوائف والمجموعات الاجتماعية، تظهر فيها اختلافات حتى على مستوى العائلة الواحدة. وقال: "هناك اختلاف في شكل الحجاب بين النساء في دمشق مقارنة بحلب أو درعا، لكل مدينة طابعها الخاص".

الممثلة السورية علياء سعيد انتقدت الحديث عن لباس المرأة باعتباره انتهاكًا لحقوقهن الأساسية، واصفة ذلك بأنه "غير مقبول في بلد قامت فيه ثورة للمطالبة بالحرية".

بالمقابل، يرى البعض أن الدعوة إلى ارتداء الحجاب تأتي طوعية وليست إجبارية، مذكرين بأن دولًا علمانية مثل فرنسا تحظر النقاب وتفرض غرامات على المخالفين.

قبل الحرب الأهلية السورية، حظرت السلطات النقاب في الجامعات، معتبرة أنه يتعارض مع القيم الجامعية، وأُبعدت نحو 1200 معلمة منقبة عن القطاع التربوي. لكن مع اندلاع الحرب، رُفع الحظر لفترة، قبل أن يُعاد في 2019 تحت مبرر منع "انتحال الشخصية".

وأكد مصطفى أن التعددية في اللباس يجب أن تُعتبر حالة طبيعية وصحية إذا لم تترافق مع فرض معتقدات أو استخدام العنف. وأشار إلى أن هناك نموذجًا يُروج له يُظهر ثلاث نساء: واحدة ترتدي حجابًا معتدلًا، وأخرى بالنقاب، وثالثة من دون أي حجاب.

وذكر مصطفى أن النموذج الأفضل لسوريا ما بعد بشار الأسد هو أن تكون هناك حرية في اللباس تعكس التعددية والحرية التي يطمح إليها الشعب السوري.

رغم أن الحجاب ليس القضية الأهم للسوريين الذين عاشوا سنوات من الحرب والدمار، إلا أنه يُعتبر انعكاسًا للتغيرات الثقافية والاجتماعية التي قد تصاحب بناء سوريا الجديدة.

Select

Select

Select