نعمت اللحام
"كم مرة تساءلنا إن كانت لتُغيّر لحظة واحدة من حياتنا مجراها إلى الأبد؟". "ماذا لو؟" سؤال نطرحه على أنفسنا في لحظات التأمل، ما أن نغرق في ماضيـنا ونتخيل كيف كان يمكن للأمور أن تكون مختلفة لو اتخذنا قرارًا آخر... فماذا لو أن ترددنا عند لحظة مفصلية آل إلى فقداننا لشخص عزيز؟ هذا هو ما يقدمه بطل رواية Erased، الذي يعيش هذا الواقع بشكل مأسوي ليبرهن لنا أن قرارات الإنسان، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، تؤثر بشكل عميق على حياته وحياة من حوله. لكننا، بخلاف البطل، لا نملك القدرة على العودة بالزمن لتصحيح أخطائنا، لذلك يجب أن نكون حذرين في اتخاذ قراراتنا قبل أن نفقد فرصة التغيير.
قد يكون السبب وراء حصول ساتورو، بطل الرواية، على قوة Revival (التي تخوّله من العودة بالزمن) هو تكرار تساؤله: "ماذا لو؟" في كل لحظة من حياته. في البداية، تجده يعاني من الفشل ككاتب مانغا لأنه يخشى مواجهة المجتمع ورفضه لأسلوبه الخاص. ثم يتكرر الأمر ذاته في علاقاته الشخصية، بحيث يبتعد عن رفاق طفولته خوفًا من عدم تقبلهم له كما هو. لكن في مفارقة القدر، تصبح قوته التي تمنحه القدرة على العودة بالزمن هي التي تجبره على مواجهة تلك المخاوف والانخراط في حياة الآخرين بشكل أعمق، ليس لتحسين وضعه الشخصي أو تفادي الندم، بل من أجل إنقاذ حياة قد تكون قد ضاعت بسبب تردده.
تبدأ أحداث القصة عندما يعود ساتورو إلى منزله ليكتشف مقتل والدته، وتجره قوته إلى طفولته قبل أن يشهد وقوع جريمة قتل مروعة لأحدى الفتيات في صفه، بسبب تردده في التحدث إليها رغم أنه لاحظ بعض التصرفات الغريبة منها. يقرر في تلك اللحظة أنه يجب عليه التدخل، إذ يرى في تلك اللحظة فرصة لتغيير مجرى الأحداث وكشف لغز مقتل والدته.
خلال رحلته، يبدأ ساتورو في ملاحظة أمور لم يكن لينتبه لها خلال طفولته، كعلامات العنف الأسري والتنمر على الفتاة، وهذه الملاحظات التي كان من السهل تجاهلها في الماضي أصبحت اليوم مفاتيح لفهم الأسباب الحقيقية وراء الجرائم التي وقعت. بعد أن ينجح في إنقاذ الفتاة، يظن أن المشكلة قد حُلت، ولكن سرعان ما يكتشف أن مصير الفتاة لا يزال مهددًا، ويستمر الصراع على مدار القصة من أجل حل اللغز المتشابك الذي يربط بين حياة أصدقائه وأسرار ماضيهم.
من خلال هذه التجربة، يبدأ ساتورو رحلته مع التغيير الذاتي. ليتحول من ذلك الطفل الانطوائي الذي كان يعيش في خوف متواصل من الفشل والرفض، إلى شخص قادر على اتخاذ قرارات سريعة ومؤثرة لإنقاذ الآخرين. هذا التحول في شخصيته يعكس ضرورة أن نتعلم كيف نتخذ قرارات حاسمة في الوقت المناسب، لأن الحياة لا تمنحنا دومًا فرصة لتصحيح الأخطاء.
ختامًا، تعكس قصة Erased واقعًا نعيشه جميعًا؛ فكل لحظة تأخير قد تكون حاسمة، وكل قرار نتخذه له القدرة على تغيير حياتنا وحياة من حولنا بشكل عميق. حتى وإن لم نمتلك القدرة على العودة بالزمن مثل ساتورو، فإننا نملك القدرة على التصرف بحكمة الآن، لأن الحاضر هو الفرصة الوحيدة التي نملكها للتأثير في المستقبل.
اخترنا لكم



