"ليبانون دبيايت"
لم يشكّل موضع الإعلان عن قرب التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل مفاجأة لا سيّما بعد إقرار خط التجارة من الهند إلى أوروبا عبر مرفأ حيفا حيث تشكّل المملكة الثقل الأهم في المشروع.
كما أنه لا يشكّل مفاجأة أيضاً مع المعلومات التي تتسرّب بين الحين والآخر عن علاقات سرية بين مسؤولي البلدين وعن زيارات لوفود اسرائيلية بشكل سري إلى المملكة.
هذا الرأي يوافق عليه الكاتب والمحلل السياسي فادي بو ديا في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، ويقول: "لطالما سُربت معلومات عن علاقات بين الطرفين سواء في حرب تموز أو غيرها من المحطات التي طافت على السطح".
لذلك لم يتفاجأ بو ديا بموضوع التطبيع لأن العلاقة بين الطرفين ليست بجديدة وإعلان التطبيع ليس مفاجئاً برأيه، لأنه طالما كانت هناك وفود اسرائيلية تدخل المملكة قبل إعلان التطبيع. كما يشير إلى وجود علاقة بين البلدين على المستوى الإقتصادي أو على المستوى السياحي والتجاري.
أما فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، فينبّه إلى أن "المملكة العربية تملك رؤية مختلفة عن رؤية المقاومة الفلسطينية والعربية لذلك ما قيل عن أن القضية الفلسطينية ستبقى لدى الشعوب والاذهان ما هو إلا كلام معسول لا يُصرف على أرض القضية".
ويأسف لأن التطبيع يأتي في ذروة الإنكسار الإسرائيلي وترهل نفوذه في المنطقة مع تراجع النفوذ الأميركي، ومع تصاعد قوى عالمية مثل قوة البريكس التي تحشر أميركاوتحشر معها الدور الإسرائيلي، في المقابل تُهرول السعودية باتجاه خطوة التطبيع.
ولا يبرئ الأميركي من مشروع التطبيع هذا, ويلفت إلى أن "خطوة التطبيع تحمل ضغطاً أميركيا على المملكة العربية السعودية، ويؤكد أن هذا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه المملكة جراء تطبيع العلاقات مع إيران والإنفتاح على الحوثيين".
ويعتبر أن "السعودية لا يمكنها أن توائم ما بين القضية الفلسطينية والتطبيع مع العدو الإسرائيلي فهذا منطق خاطئ وواهم فلا التوفيق بين الأمرين".
ولكن هل سيؤثر ذلك على العلاقة مع إيران ويرتّب تداعيات في المنطقة؟ يرى أنه "لا شك عندما تعلن السعودية التطبيع ستصبح مدانة من قبل الدول التي ترفض التطبيع مع اسرائيل ودفعت أثمانا باهظة لقاء عدم التطبيع مثل إيران أو سوريا".
أما عن إنعكاس هذه الخطوة على المقاربة السعودية للملفات اللبنانية، فيذكر بأن "لبنان بلد مواجه لفلسطين المحتلة وفيه مقاومة لن تسمح لهذا البلد أن ينجر إلى التطبيع مهما كان الثمن، لا سيّما أن في لبنان مشروع مقاومة يؤمن بزوال إسرائيل ويعمل للوصول إلى إزالتها من المنطقة في حين تسعى دولة في المنطقة لإقامة علاقات تطبيع".
وإذْ يؤكد أن هذا الأمر لن يؤثر على الملف الرئاسي، لكن يسأل: "هل ستصبح المملكة هي المفوضة بكامل الصلاحيات في الملف الرئاسي اللبناني؟ وأضح أن السعودي حتى اليوم هو من لا يريد أن يلعب دوراً ويترك الفرنسي والقطري يلعبان منفردين، لكن بعد التطبيع الرسمي مع الإسرائيلي هل سيصبح تدخله في الملف اللبناني أقوى وبشروط تفرض وفق العلاقة الجديدة التي سيقيمها مع الكيان الاسرائيلي؟".
ويقول بو ديا: "نحن نعلم ماذا تريد اسرائيل من دول المنطقة، فهي لا تريد رئيساً قوياً أو مقاوماً أو سيادياً ووطنياً، بل تطالب برئيس يزحف أمام الإملاءات الأميركية والإسرائيلية, ويردع المقاومة في الجنوب عن اسرائيل".
اخترنا لكم



