اقليمي ودولي

الحرة
السبت 15 تشرين الأول 2022 - 21:22 الحرة
الحرة

"يحاول الجميع المغادرة"... أقليّات روسية تهرب من "مفرمة اللحم"!

"يحاول الجميع المغادرة"... أقليّات روسية تهرب من "مفرمة اللحم"!

يواجه أفراد الأقليات العرقية في روسيا، خطر إقحامهم في حرب ليس لهم فيها أي مصلحة، وفق شهادات استقتها مجلة "فورين بوليسي" ضمن تقرير كشف رفض شرائح عديدة من المجتمع الروسي للمشاركة في الحرب على أوكرانيا.

ويوجد في روسيا الفدرالية عدد من الأقليات من مختلف الأعراق، حيث أخضعت روسيا الإمبراطورية القديمة عدة عرقيات بينما تحاول روسيا الحديثة الحفاظ على سلطتها عليهم بإقحامهم في غزو أوكرانيا، وهو ما يرفضه كثيرون.

التقرير قال في الصدد: "يمكن لنظام بوتين أن يرسل البوريات والشيشان والداغستان ليموتوا في أوكرانيا بسبب قرون من التوسع الاستعماري العنيف".

من بين الأقليات التي أظهرت رفضها للغزو منذ البداية، أقلية البوريات الذين ينتمون لجمهورية بورياتيا التي تدخل في نطاق الاتحاد الروسي بالمنطقة السيبيرية.

حدث أول توغل روسي رسمي لسيبيريا في عام 1581، لكن إخضاع المنطقة الشرقية الهائلة استغرق قرونا من الاحتلال العسكري والاستغلال الاقتصادي والاستعمار الاستيطاني لتحقيقه.

ولم يكن غزو روسيا لشمال القوقاز أقل عنفا، والذي أطلقه القيصر نيكولاس الأول في عام 1817، حيث أدى إلى عقود من الصراع الدموي والإبادة الجماعية ضد الشركس.

قال التقرير تعليقا على هذا المشهد: "التجاهل الصارخ من الدولة الروسية الحديثة، استمرار منطقي للأيديولوجية الإمبراطورية التي نشأت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر".

فاطمة تليس، وهي صحفية من "شركيسيا" Circassie تعمل لدى إذاعة "فويس أو أميركا" قالت في حديث للصحيفة إن أحدث مظاهر العنف الروسي ضد المنطقة هي الحربان الشيشانية الأولى والثانية، في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وتابعت, "يتذكر الناس ما فعلته روسيا بالشيشان، لقد كانت تلك رسالة إلى جميع الجنسيات الأخرى تحت الاحتلال الروسي".

لذلك، يرفض العديد من المنتمين لتلك المناطق، وفقها، تزكية حرب بوتين على أوكرانيا ويحاولون الهروب من روسيا لتفادي إقحامهم عنوة في قوات الغزو.

تُظهر البيانات التي جمعتها وسيلة إعلام روسية مستقلة iStories أن الشباب من أقلية بوريات هم من بين أكثر المتضررين من أمر التعبئة "وهو ما أثار الخوف واليأس في جمهورية سيبيريا الشرقية" وفق فورين بوليسي.

قالت سيدة من عرق البوريات للمجلة، شريطة عدم ذكر اسمها: "يحاول الجميع المغادرة الرجال يخشون مغادرة قراهم، لذلك ذهب الكثيرون إلى الغابات" قبل أن تتابع "هناك شائعات بأن السلطات ستفتش الغابات أيضا".

وكشفت في سياق شهادتها أن موظفي مكاتب التجنيد العسكري في المنطقة يحذفون أسماء أقاربهم ويضيفون أسماء آخرين بشكل عشوائي.

ورغم أن الكرملين قال إن مرسوم التجنيد الأخير، يستهدف فقط جنود الاحتياط ذوي الخبرة القتالية وأنه سيتم إعفاء الطلاب، إلا أن تقارير أفادت بقيام الحرس الوطني الروسي بسحب الطلاب من جامعة بوريات الحكومية، وتلقّي رجال في الخمسينيات من العمر إشعارات التجنيد، بينما يُمشّط ضباط التجنيد القرى لتجنيد أي رجل يمكنهم العثور عليه.

واجهت بورياتيا قمعا وحشيا، خلال الحقبة الستالينية، ففي عام 1937، تم إطلاق النار على جميع كبار قادة بوريات الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية المستقلة أو نُفيوا إلى معسكرات الاعتقال، بينما ألقي القبض على الآلاف من الناس "ولا توجد عائلة بوريات واحدة لم تفقد أقاربها بسبب هذه القمع " وفق شهادة ألكسندرا جارماشابوفا، عن مؤسسة "الحرية لبورياتيا".

تقرير فورين بوليسي كشف كذلك أن التعبئة القسرية للأقليات العرقية قد أثرت بالفعل على علاقات روسيا- الوريثة الشرعية للاتحاد السوفياتي- مع جيرانها.

وتمتعت روسيا طويلا، بهيمنة ثقافية وسياسية متواصلة في المنطقة، بينما يواصل مواطنوها السابقون التحدث بلغتها ويتدفقون على مدنها للعمل والتعليم.

لكن غزوها لأوكرانيا تسبب في قيام العديد من هذه البلدان بإعادة تقييم علاقاتها مع عاصمة الإمبراطورية السابقة "بينما حفّز أمر التعبئة هذا الطلاق".

ونأت كازاخستان وهي جمهورية سوفيتية سابقة، بنفسها عن روسيا منذ 24 شباط، تاريخ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكانت أول دولة عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي تستبعد إرسال قوات للانضمام إلى ما يسوقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه "عملية خاصة".

وفي منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في حزيران، أكد الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف في حضور بوتين أن كازاخستان لن تعترف بما يسمى بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين كدولتين مستقلتين.

من جانبها، حظيت منغوليا التي كانت ذات يوم دولة تابعة للاتحاد السوفيتي، بثناء واسع لدعمها للروس الفارين من التجنيد.

وسمحت للعديد من مواطنيها العاديين بالانضمام إلى جهود توفير الطعام والمأوى لمن يعبرون الحدود.

وقال الصحفي المنغولي أناند تومورتوغو "نشعر بأننا أقرب إلى شعب بوريات" ، مشيرا إلى أوجه التشابه الثقافي والعلاقات الأسرية العابرة للحدود بين منغوليا وجمهورية سيبيريا.

وتعتبر التعبئة غير المتكافئة للأقليات العرقية جزء من نفس الأيديولوجية الإمبريالية التي تبرر العنف ضد الأوكرانيين، وفق جارماشابوفا، التي قالت إن "بوتين ينتهج ذات السياسة الإمبريالية إنه يريد تحويل أوكرانيا إلى مستعمرة للإمبراطورية الروسية".

ثم تابع "والإمبراطورية دائما ما ترمي بالأقليات أولا في مفرمة اللحم".

وأكد في سياق حديثه أنه "كلما زاد انتشار الاعتقاد بين الأقليات العرقية الروسية بأنهم والأوكرانيون ضحايا للعنف الاستعماري الروسي، ستتاح المزيد من الفرص للتضامن عبر الحدود ضد الاستعمار".

من جانبها قالت تليس، الصحفية في "فويس أو أميركا" إن الشركس (شعب شمال غرب القوقاز) غاضبون بشكل خاص لأن روسيا تجبر أحفاد نفس الأشخاص الذين قادتهم إلى حافة الانقراض للقتال نيابة عنها في الحرب التي تشنها لإبادة أمة بريئة أخرى.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة