بينما تماطل إيران في مفاوضات فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم مع القوى الدولية بقيادة الولايات المتحدة في عام 2015، تؤكد تقارير تحايلها على مدى سنوات في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص برنامجها النووي.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت الأربعاء، تقريرا، يكشف كيف "نجحت" إيران في الوصول إلى وثائق سرية للوكالة الأممية، استخدمها المفاوضون الإيرانيون في بناء قصص وهمية، لتلافي عقوبات المجتمع الدولي المتعلقة ببرنامجها النووي "بناء على محتوى المستندات التي تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية".
ووفقًا لمسؤولين استخباراتيين في الشرق الأوسط ووثائق، قالت الصحيفة إنها تمكنت من مراجعتها، فقد أمّنت إيران الوصول إلى تلك التقارير السرية للوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة قبل ما يقرب من عقدين من الزمن، ووزعت الوثائق على كبار المسؤولين الذين أعدوا قصصا خيالية لإخفاء أعمال سابقة مشتبها بها تتعلق بالأسلحة النووية.
وتكشف وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسجلات الإيرانية المصاحبة لها باللغة الفارسية عن بعض التكتيكات التي استخدمتها طهران مع الوكالة، المكلفة بمراقبة الامتثال لمعاهدات حظر الانتشار النووي والاتفاق النووي لعام 2015.
وقالت الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدى سنوات إن إيران فشلت في الإجابة عن أسئلة حول عملها النووي السابق "في لعبة القط والفأر التي استمرت حتى يومنا هذا" وفق تعبير الصحيفة.
وقال المسؤولون إن وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي وصفتها الوكالة بالسرية والسجلات الإيرانية تم توزيعها بين عامي 2004 و 2006 بين كبار المسؤولين العسكريين والحكوميين الإيرانيين.
وكانت الوكالة وقتها تحقق في المعلومات التي تشير إلى أن إيران عملت على تطوير أسلحة نووية.
وقال ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي ومفتش الأسلحة السابق التابع للأمم المتحدة، إن حصول إيران على وثائق حساسة للوكالة الدولية للطاقة الذرية "يمثل انتهاكًا خطيرًا للأمن الداخلي للوكالة".
وتابع في حديث للصحيفة: "يمكن لإيران أن تصمم إجابات تعترف بما تعرفه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالفعل، وتتنكر للمعلومات الأخرى، وفي نفس الوقت تخفي بشكل أفضل ما لا تعرفه الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ورفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومقرها فيينا التعليق على الوثائق ولم ترد على أسئلة "وول ستريت جورنال" بشأن تعاملها مع الملف.
ما لم يرد المسؤولون الإيرانيون على طلبات التعليق التي أرسلتها الصحيفة.
ولطالما نفت طهران العمل في مجال الأسلحة النووية.
وكانت سجلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي حصلت عليها إيران من بين أكثر من 100 ألف وثيقة وملف صادرتها المخابرات الإسرائيلية في كانون الثاني 2018 من أرشيف طهران.
وتتضمن بعض الوثائق ملاحظات مكتوبة بخط اليد باللغة الفارسية على وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومرفقات مع تعليقات إيرانية.
Iran accessed secret U.N. atomic agency reports almost two decades ago and sent them to top officials, who concealed suspected past work on nuclear weapons https://t.co/X9NxXrCl1t
— The Wall Street Journal (@WSJ) May 25, 2022
وفي العديد من الوثائق التي راجعتها الصحيفة، نسب المسؤولون الإيرانيون الفضل إلى "أساليب استخباراتية" في الحصول على تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن إسرائيل سلمت الأرشيف النووي إلى هيئة الاستخبارات الأميركية، ومنحت وصولاً جزئيًا إلى خبراء مستقلين، بما في ذلك من مركز بلفر في جامعة هارفارد.
وخلص مركز بلفر في نيسان 2019 إلى أن الأرشيف أظهر أن العمل النووي الإيراني قد تقدم إلى أبعد مما كان يُعتقد سابقًا.
وقامت الصحيفة بمراجعة وثائق من الأرشيف لم يتم الكشف عنها للجمهور.
وقال مسؤول سابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الوثائق الصادرة عن الوكالة أصلية، وقال أولبرايت، الذي كان لديه حق الوصول إلى بعض الأرشيف النووي وكتب كتابًا عما كشفته عن عمل إيران النووي، إن الوثائق باللغة الفارسية التي استعرضتها المجلة، كانت متسقة مع ما رآه في وثائق أخرى من الأرشيف النووي الإيراني.
وفي إحدى المذكرات الفارسية المكتوبة بخط اليد والمرفقة بسجل شركة إيرانية، ضغط مسؤول إيراني كبير على محسن فخري زاده، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه عراب برنامج الأسلحة النووية للبلاد، للتوصل إلى "سيناريو" يشرح للوكالة الدولية للطاقة الذرية سبب تسجيل سجلات الشركات، التي تم تغييرها لشركة مدنية ادعت إيران أنها تعمل في منجم يورانيوم إيراني.
يذكر أن إيران تواجه أزمة اقتصادية ومعيشية تعود بشكل أساسي الى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران، بعد قرار الأولى الانسحاب أحاديا من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في 2018.
وخفف اتفاق عام 2015 من العقوبات المفروضة على إيران مقابل وضع قيود على برنامجها النووي لضمان عدم قدرتها على تطوير سلاح دمار شامل، وهو أمر تنفي طهران دائما سعيها للقيام به.
والاتفاق الذي يعرف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة كاد أن ينهار تماما بعد قرار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الانسحاب منه وفرض عقوبات على طهران من جانب واحد، بما في ذلك الضغط على دول أخرى لعدم شراء النفط الإيراني.
وردت إيران بالتخلي عن التزاماتها بموجب الاتفاق، ما دفع إسرائيل الى التهديد بعمل عسكري ضدها.
ومن المتوقع أن تشهد عودة إيران إلى الامتثال تخفيفا لبعض أشد العقوبات الأميركية ضدها.
لكن النقطة الشائكة الرئيسية هي مطالبة إيران للولايات المتحدة بإزالة الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأميركية السوداء للإرهاب.