اقليمي ودولي

الحرة
الجمعة 29 نيسان 2022 - 23:33 الحرة
الحرة

"عناقُ" بعد "الفراق"... زيارة أردوغان الى الرياض ستغير المنطقة!

"عناقُ" بعد "الفراق"... زيارة أردوغان الى الرياض ستغير المنطقة!

فتح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بزيارته إلى السعودية الأبواب "أمام عهد جديد"، وبعد مصافحة العاهل السعودي الملك سلمان وعناق نجله ولي العهد أعلن، الخميس، أن بلاده ستبذل "جهودا حثيثة من أجل تعزيز جميع أنواع العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية" مع الرياض.

وهذه هي الزيارة الأولى لأردوغان منذ مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول. القضية التي أحدثت شرخا في العلاقات بين القوتين الإقليميتين، وكانت مكملة للتوتر الذي أحدثه حصار قطر.

ولم تكن الزيارة مفاجئة، بل مهّدت لها الكثير من التطورات، كان آخرها إعلان وزارة العدل التركية نقل قضية خاشقجي إلى القضاء السعودي، في خطوة قيل إن الرياض وضعتها كشرط لإعادة تطبيع العلاقات، فيما نفت أنقرة ذلك، واعتبرت أنها إجراء "قانونيا وليس سياسيا".

وبحث أردوغان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة "تطوير العلاقات بين البلدين"، إثر الخلاف المرير في أعقاب جريمة اغتيال الصحافي السعودي.

ونشرت وكالة الأنباء السعودية (واس) صورا لهما وهما يتعانقان، في ما بدا مقدمة لطي صفحة التوتر بين القوتين الإقليميتين.

وقبل لقاءه ولي العهد أعرب أردوغان أثناء اجتماعه مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز عن ثقته بأن زيادة التعاون مع السعودية "في مجالات التكنولوجيا والصناعات الدفاعية سيصب في مصلحتنا المشتركة".

وفق بيانات الرسمية الصادرة من كلا الطرفين فإنهما أكدا على نيتهما التعاون من جديد في مختلف المجالات، سواء الاقتصادية التي تسارع تركيا لإعادة تفعيلها أو العسكرية والأمنية وغيرها.

وعلى خلاف مسار تطبيع العلاقات الذي سارت من خلاله أنقرة مع عواصم أخرى كأبوظبي مثلا، لم يكن المشهد مشابها لما حصل مع الرياض، إذ لم يعلن وحتى ساعة إعداد هذا التقرير عن اجتماعات عمل أو اتفاقيات أو بروتوكولات تعاون.

وذلك ما قد يرتبط بطبيعة الملفات الخلافية التي كانت بين الجانبين سابقا من جهة والثقل الذي تتخذه كل دولة على مستوى الإقليم من جهة أخرى. وبالتالي ستكون عملية التطبيع بالتدريج وعلى مراحل.

ويرى المستشار السابق في الخارجية السعودية، الدكتور سالم اليامي أن هناك عامل أهمية في وصول الجانبين إلى هذه المرحلة، والتي يمكن وصفها بـ"فتح نافذة جديدة أو مسار جديد للعلاقات على مستقبل مختلف عن ما مضى".

ويوضح اليامي في حديث لموقع "الحرة": أن "أي تعاون وعلاقات أكثر دفئا. الخلافات يبدو أنها أصبحت من الماضي، مع ملاحظة أن السعي لاستعادة العلاقات التركية السعودية تبدو كأنها رغبة وربما إلحاح من الجانب التركي، وفي المقابل تريث وربما حماس أقل من الجانب السعودي".

وتأمل تركيا في جذب استثمارات خليجية جديدة، وإبرام اتفاقات مالية لدعم عملتها، إلى جانب إنهاء الحظر غير الرسمي على بضائعها في المملكة.

في المقابل يرى مراقبون أتراك أن السعودية بحاجة لدولة بثقل تركيا في الوقت الحالي، وذلك "من الناحية الأمنية والعسكرية"، مع تصاعد أنشطة إيران في المنطقة، وما يرافق ذلك من التوترات الحاصلة مع الولايات المتحدة الأميركية.

وتحدث محلل السياسية الخارجية والأمن في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك أن "أنقرة والرياض ستعززان علاقاتهما الاقتصادية" بعد الزيارة الحالية للرئيس التركي.

ويقول الباحث لموقع "الحرة": "مع انتهاء الحظر السعودي على المنتجات التركية ستزداد العلاقات الاقتصادية بشكل كبير".

وإضافة إلى ذلك "ستكون الجغرافيا السياسية والحاجة إلى تقييد إيران في الشرق الأوسط واحدة من أهم مجالات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين".

ويضيف الباحث التركي: "بعد أن تخلت المملكة العربية السعودية عن نفوذها في الشرق الأوسط، سيكون الاتفاق النووي الجديد بين إيران والولايات المتحدة مدمرا للمملكة. لذلك فإن السعودية بحاجة إلى حليف قادر على احتواء إيران".

و"الطرف الوحيد الذي لديه هذه القدرة هو تركيا"، بحسب أوزكيزيلجيك، موضحا: "من المنظور التركي، تلوح بالفعل في الأفق منافسة تركية إيرانية. هنا تتداخل مصالح البلدين"، في إشارة منه إلى أنقرة والرياض.

وذلك ما يشير إليه اليامي، بقوله إن "العلاقات السعودية التركية كانت واحدة من أبرز علامات العمل الإقليمي في مواجهة لاعبين إقليميين آخرين مثل إيران وإسرائيل".

ويضيف اليامي: "من المرجح أن تحتل عودة العلاقات بين الجانبين مكانا في هذا السياق، ولكن يعتقد أن ذلك قد يستغرق بعض الوقت، خاصة من جانب الرياض التي يعتقد أنها ستكون أكثر حرصا في علاقاتها مع الجانب التركي، وربما مع السيد أردوغان شخصيا".

بعد الاجتماع بين الرئيس التركي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، غرّد أردوغان عن "الطاقة والدفاع والتمويل والأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية، باعتبارها مجالات ذات اهتمام مشترك، ومع إمكانات جادة في التعاون في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة".

لكن قد يكون هناك تعاون أيضا خارج هذه المجالات، حيث يعتقد خبير السياسة الخارجية التركي، يوسف إريم أن "هناك إمكانات كبيرة للتعاون في القضايا الإقليمية".

و"على مر السنين، أنفقت تركيا والمملكة العربية السعودية موارد كبيرة في سباق إقليمي على النفوذ، ما أدى إلى تناقص العوائد وإرهاق المنافسة".

ويقول إريم لموقع "الحرة": "من شأن الفهم العام للتعاون في القضايا الإقليمية أن يكون بمثابة عامل مضاعف للتأثير لكلا البلدين".

لكن وبعد عقد من العلاقات المتوترة "سيكون من غير الواقعي توقع تقارب فوري".

ويوضح الخبير التركي: "ستكون هناك حاجة إلى فترة يتم فيها تنفيذ تدابير بناء الثقة من قبل الجانبين، والتي يجب أن تشمل زيادة التجارة الثنائية والاستثمارات والمزيد من المشاركة الدبلوماسية"، مشيرا: "بعد ذلك قد نبدأ في رؤية مبيعات الأسلحة الاستراتيجية، والتعاون في السياسة الخارجية في الفترة المقبلة".

من جهته يتوقع الباحث عمر أوزكيزيلجيك تحسنا متسارعا، وعودة طبيعية للعلاقة بين السعودية وتركيا، خلال المرحلة المقبلة.

ويقول: "يمكن للمرء أن يتوقع حدوث ذلك بسرعة حيث كان على العلاقات أن تتحسن قبل ذلك بكثير. وفقا لديناميات السياسة الواقعية في المنطقة كان على الدولتين التطبيع قبل عام واحد".

لكن قضية الصحفي خاشقجي هي التي أخرت "الأمر الذي لا مفر منه".

ويضيف أوزكيزيلجيك: "بالإضافة إلى الواقع المذكور، فإن التجربة المعتادة مع دول الخليج هي أنها تقطع العلاقات وتصلحها بسرعة كبيرة".

وحتى الآن لم تستقر سياسات الدول في منطقة الشرق الأوسط على مسارات واضحة، استعدادا للمتغيرات السائدة في المرحلة الحالية.

وقبل الرياض كانت أنقرة قد أصلحت علاقاتها مع أبو ظبي، وتحاول حتى الآن تطبيق ذات الأمر على القاهرة.

وإضافة إلى ذلك خطت عدة خطوات باتجاه إسرائيل لإعادة تطبيع العلاقات المتوترة معها أيضا، وخطوة أخرى باتجاه أرمينيا التي تشترك معها بحالة "عداء تاريخي" .

"وقد يكون لتحسين العلاقات التركية السعودية في الوقت الحالي نتائج إقليمية مهمة"، بحسب الباحث التركي، عمر أوزكيزيلجيك.

ويوضح أن الركائز الثلاث للسياسة الخارجية التركية في ظروف الصراع ستكون متجذرة كالتالي: القوة الصلبة، وتجنب ألعاب المحصل الصفري، وتطبيق السياسة الواقعية للتوصل إلى حلول وسط.

ويضيف أوزكيزيلجيك: "بعد تركيز الولايات المتحدة على الصين وروسيا فإن تطبيع العلاقات مع تركيا يصب في مصلحة دول المنطقة مثل الإمارات وإسرائيل والسعودية. من المحتمل أنه بعد زيارة الرياض، قد تحذو مصر حذوها".

من جهته يعتقد الخبير التركي، يوسف إريم أن أحد أهم الملفات الإقليمية التي يمكن أن تتعاون السعودية وتركيا بشأنها "هو إيران والحد من نفوذ طهران في العراق وسوريا".

ويوضح: "هذه قضية حيث لدى كل من أنقرة والرياض تصورات متشابهة حول التهديد. يمكن أن يؤدي المضي قدما معا إلى احتواء أفضل لنفوذ إيران الإقليمي".

أما المستشار السابق في الخارجية السعودية، سالم اليامي فأوضح أن "الوضع الإقليمي اليوم يعيش حالة من التوتر العالي، بسبب النووي الإيراني ونفوذ طهران في أكثر من رقعة عربية".

ويعتقد اليامي أن "تطور العلاقة بين تركيا والسعودية يمكن أن يكون أحد العوامل التي تعيد شيء من التوازن لحالة الانفلات الإقليمي بكل تأكيد".

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة