التحري

الأربعاء 16 شباط 2022 - 18:39

صناعة العود والبزق ما عادت حكراً على الرجال: شابات يكسرن القاعدة من ضمن برنامج "صناعة الآلات الموسيقية" لمؤسسة "العمل بالأمل"... (صور)

صناعة العود والبزق ما عادت حكراً على الرجال: شابات يكسرن القاعدة من ضمن برنامج "صناعة الآلات الموسيقية"  لمؤسسة "العمل بالأمل"... (صور)

نرمين ظاظا-التحري

ما زال أبناء سوريا ولبنان وفلسطين يحافظون على تراث أجدادهم من الموسيقى والفن والمسرح والصناعات اليدوية، ومن بين تلك الصناعات، صناعة العود والبُزُق، والتي لم تعد محصورة اليوم بيد الرجال فقط، بعدما قامت بعض النساء بكسر القاعدة وخوض تجربة جديدة في صناعة قديمة وصعبة وتحتاج الى دقة وقوة وعزيمة، من ضمن برنامج "صناعة الآلات الموسيقية" الذي بدأته مؤسسة "العمل بالأمل" منذ العام ٢٠١٨ ومستمر حتى يومنا هذا.
وصناعة العود والبزق هي حرفة يدوية عمرها مئات السنين. وفي مشهد مختلف، قامت أيادي أنثوية ناعمة بالمشاركة مع الشباب بنحت الخشب لتصنع منه هذه الآلات الموسيقية القديمة التي تعبّر عن أصالة بلاد الشام وفنها، بهدف تجديدها وإعادة إحيائها في ظل عصر التكنولوجيا والعالم الرقمي.
فما أهمية هذا برنامج "صناعة الآلات الموسيقية"؟ وما دوافع مشاركة هؤلاء الشابات فيه؟ وماذا عن العقبات التي واجهت بعضهنّ؟

السيد: نحن مسؤولون عن تراثنا

وتعمل منظمة "العمل للأمل" التي تأسست عام ٢٠١٥ على تقديم برامج للتنمية الثقافية التي تلبي الحاجات الاجتماعية والثقافية والنفسية للاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان من موسيقى ومسرح وسينما، والتي تعمل بهدف الإغاثة الثقافية الفنية للاجئين، والتي لا تقل عن الإغاثة الإنسانية. من هنا، استهدف مشروع صناعة الآلات الموسيقية لاجئات سوريات وفلسطينيات، إضافة إلى لبنانيات.
وفي حديث لـ"التحري"، تقول منسقة برامج "العمل بالأمل"، آلاء السيد، أن برنامج "صناعة الآلات الموسيقية" في انطلاقته الأولى عام 2018، " لم تشارك فيه هذا سوى شابة واحدة ، لكن عند تحقيقها النجاح في صناعة العود، شكّل نجاحها دافعاً لأُخريات، حيث توافدن في السنة التي تلتها لتعلم هذه الصنعة".
وتنوه إلى أنه في عصر التكنولوجيا، "تراثنا بدأ بالضياع وفقدان قيمته، ونحن اليوم نحاول إعادة ترسيخ تراثنا من خلال هذه البرامج الفنية، إذ أننا مسؤولون عن المحافظة على تراث بلاد الشام الذي ترعرعنا عليه".
ومن أهم انجازات "العمل للأمل" برأي السيد في هذا البرنامج الفني، "أنها جذبت إليها شابات من المجتمعات المنغلقة والريفيّة كمنطقة البقاع، وحتى تلك العائلات البعيدة عن فكرة دخول المرأة في مجال الفن والموسيقى"، فالفن "يجمع مجتمعنا من النساء والرجال ومن كافة الأعمار والجنسيات على ما نحبه"، تؤكد السيد.
في السياق، كيف تصف صانعات العود التجربة؟ وما الذي دفعهنّ لها؟ وهل من معوقات مجتمعية واجهتهنّ أثناء نخراطهنّ بالمجال الفني على مستوى الصناعة والعزف؟

صبر ودقة... وثقافة لا تغيب

تقول إحدى الصانعات في مقابلة مع "التحري": إن سبب دخولها في تعلّم هذه الصناعة هو "حالتي النفسية المتعبة، فكنت أشعر بتفريغ غضبي بالعمل في هذه الصناعة.وتضيف إحداهن أن الدافع الذي دفعها للانخراط في هذا العمل هو "الملل الذي أضفاه شعور الغربة والتهجير والابتعاد القسري عن عائلتي بسبب الحرب السورية".
أما غالبية المشتركات، فتعزو اشتراكهنّ في هذه الحرفة "لرؤية الصناعات اليدوية لأجدادنا، والتعرف على ثقافتهم وتراثهم والبقاء معها على تماس"، في حين أنّ استكشاف صناعة هذه الآلات كان من بوابة "تعلم الصبر والدقة العاليين الذين تتطلبهما هذه الصناعة".
وفي حين أنّ معظم المشتركات لاقت ترحيباً وتشجيعاً من أسرهنّ ومن المجتمع المحيط بهنّ على المشاركة في البرنامج، لم يخل الامر من عقبات وضعت بوجه بعضهنّ، سيما وأن غالبيتهن من مجتمعات ريفية بعضها ما زالت لديه أفكار ذكورية تجاه عمل المرأة. في السياق، تقول إحداهنّ أن زوجها لم يرغب دخولها "صناعة صعبة ولا تجدي نفعاً خاصةً للنساء" برأيه، لكن إصرارها وعزيمتها غلبت رغبة زوجها بعدم مشاركتها، وغيرتها بعدما أثبتت نجاحها لنفسها وله وللمجتمع ككل.

وللمرة الأولى ضمن مشروع فني غني بالتشارك والتعلم والفن، نساء ورجال من مختلف الأعمار الفتيّة والمتوسطة والجنسيات التي تضم اللبنانيين، بالإضافة إلى اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان، أمسكوا بالأخشاب وصنعوا آلات العود والبزق وعزفوا عليها أجمل ما أبدعت أناملهم، واستذكروا تراثهم وأجدادهم قائلين لنا ضمناً "لا تنسوا أجدادنا، تراثنا وثقافتنا".



ومن ضمن المشاركين في صناعة آلات العود والبزق نذكر:
- تسنيم داحوس، سورية، ٣١ سنة، صانعة لآلتين من البزق وآلة العود.
- دارين البنّا، سورية، ٤٤ سنة، صانعة لآلتين من البزق.
- إسراء طه، فلسطينية لبنانية، ١٧ سنة، صانعة لآلة العود.
- هبة سكري، سورية، ٣٣ سنة، صانعة لآلة البزق.
- نجوى الحاج، فلسطينية لبنانية، ١٧ سنة، صانعة لآلتين من العود والبزق.
- حسام سلوم لبناني ٤٤ سنة، صانع لآلتين العود والبزق.
- حسن الجبر، سوري، ١٩ سنة، صانع لآلة البزق.
- عبد الناصر فرهود، سوري، ٣٠ سنة، صانع لآلة العود.
- رضوان صفصافي، سوري، ٤٠ سنة، صانع لآلتين من العود والبزق.
- أيهم عبد الرزاق، سوري، ٣٦ سنة، صانع لآلتين من العود والبزق.
- محمود مرداس، لبناني، ٦٣ سنة، صانع لآلة العود.


علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة