حقوق الناس

الأربعاء 29 كانون الأول 2021 - 16:19

انهيار قطاع الإتصالات: حل سحري لإسكات الناخبين في شركتي "ألفا" و"تاتش"... وشركات نقل المعلومات وخدمات الإنترنت تتقاضى الدولار من المؤسسات وتدفع بالليرة للدولة!

placeholder

تارا الشهبندر - التحري

قد يدفعك البيان الصادر عن "نقابة موظفي شركتي الخليوي ألفا وتاتش" الصادر منذ أسبوع، والذي تم بموجبه إنهاء إضرابهم المفتوح إلى الطمأنينة، والشعور الزائف بأن "الدني بألف خير" بعد أن تم الإتفاق مع وزير الإتصالات وحُلّت الأمور لدرجة "تذليل كافّة العقبات الماليّة" وحافظ الموظفون، بأكثريتهم التوزيعة السياسية الطائفية كموظفين عشوائيين مُتحزّبين بغالبيتهم "أزلام الواسطة"، ومجالس إدارتهم الفاشلة، على امتيازاتهم تحت بند "المُكتسبات" في زمن الإفلاس.

خبر تناوله الإعلام باعتباره حقيقةً واقعة، نقلوا فيها الخبر المفرح كنوعٍ من كليشيهات الحلول اللبنانية المعلّبة على طريقة "امسحها بذقني"ّ!

وهنا تسأل نفسك كمواطن يفقة الحساب "كيف لواحد زائد واحد أن يساوي أربعة؟"... ومن أين لوزير الاتصالات جوني القرم القدرة المادية على إرضاء ناخبي "تيار الوطني الحر" في "ألفا" وناخبي "حركة أمل" في "تاتش" بهذه السرعة؟

كيف لشركتين تعانيان من وضع مالي مزرٍ وهي متقاعصة عن تسديد المستحقات للموردين من الشركات الاجنبية لمدة سنتين وباجتماع سحري واحد، التوصل إلى توفير المال للموظفين والإبقاء على عقدهم الجماعي كما هو وتجديد عقد التأمين الصحي وأن تدفع لهم راتب الـ13 غير المنصوص عليه في العقد الجماعي والذي سبق ووقعه الوزير الحالي وهو ما لم يجرؤ سلفاه شقير والحواط على توقيعه في وقت تسجل فيه الشركتين خسائر فادحة وزيادة في التكاليف بواقع تراجع سعر صرف الليرة وصعوبة في الحصول على المعدات والأنظمة التقنية اللازمة لصيانة واستدامة الشبكة؟!

ذاكرة الخوف

وهنا تستعيد ذاكرة البلاد "قطاع الطاقة" الذي بدأ مسيرته الإنحدارية الإفلاسية على هذا المنوال، خدمات مقابل مردود أقل من الكلف، توظيفات عشوائية، إمدادات مالية وهدر ثم فساد. أما اليوم، فالخوف كل الخوف من أن يكون الحل "غير مُعلن التفاصيل" ليس إلا صفقة "ترقيعية" ما تحاك في الكواليس، تجعل من اللبنانيين غير الشاعرين "بالماء التي تجري من تحت أرجلهم": "أكباش محرقة".

رائحة الفساد تفوح من أسئلة واضحة "كيف لقطاع مليء بالمحاصصات وهو كان مصدر لتمويل الأحزاب (بلسان الوزيرنفسه)، فيه تخمة من الموظفين ذوي الانتماءات الحزبية، باق على التسعيرة القديمة التي لا تغطي 10% من الكلف، ومراوح في عجزه، وفي ظل ازمة كهرباء والمازوت، وفي وقت تخطى فيه سعر الصرف 27 ألفاً للدولار الواحد، أن يزف للموظفين خبر الحل، ويستطع رغم كل هذه الظروف أن يؤمن تمويل ويحافظ على حوافز موظفيه، دون الاسهاب في شرح "كيف ومن أين لهم هذا"؟

ماذا جرى في الكواليس ولماذا هناك كواليس اصلا وماذا ينتظر اللبنانيون من مفاجآت موجعة اضافية بعد الانتخابات، وبعد ضمان أصوات الموظفين لأحزابهم؟ وما الدور الذي لعبه رئيس لجنة الإعلام والإتّصالات النّيابية النائب حسين الحاج حسن، الدور الذي نال عليه شكرمجلس النقابة في إعلانهم لفك الاضراب؟

لا كرهاً بوجود حلول تبّرّد قلوب الموظفين والعائلات المستفيدة والعاملة في هذا القطاع، ذلك مع التحفظ الكبير على منسوب الاستزلام والمحاصصات في هاتين الشركتين وفائض التوظيف العشوائي وأعداد هائلة من الموظفين الذين يتقاضون أتعاباً دون "الذهاب إلى الدوام" والترقيات غير المبررة وما الى ذلك... لا قدّر الله... فالاتصالات هو قطاعٌ أساسيٌّ وحيويٌ وتعرّضه لأي مشكلة من شأنه أن يرتد سلباً بانعكاساته على جميع القطاعات في البلد!... كل ما في الأمر، أن الشعب اللبناني، يحتاج معرفة تفاصيل البطولة، للإستفادة من خبرة الوزير لربما نعمم الحل كإكسير سحري في وجه الصعوبات المستعصية القائمة في الوزارات الأخرى أو ربما نعلّم "الأميركان" كيف يديرون وزارة بلا موارد على غرار تعليمهم كيف يديرون بلداً بلا موازنة!

الدولة بالليرة والشركات بالدولار!

مبروك، تم إسكات الموظفين وضمان أصواتهم الإنتخابية، ووضع القطاع المتدهور على حاله، لا بل أسوء عن ذي قبل، سوء في الخدمات، انقطاع للإرسال في بعض محطات الاتصال في البلاد بسبب نفاد وقود المازوت وجراء ساعات تقنين الكهرباء الطويلة، ونقص في النقد الأجنبي اللازم لاستيراد قطع الصيانة، وتهديد من انقطاع الإنترنت في الأيام المقبلة، ناهيك عن أنه وفي ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء، وابتداءً من ١-١-٢٠٢٢ سيتوقف العمل بالقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء سابقاً، والمتعلقة بمضاعفة سرعة الإنترنت للاشتراكات ذات السرعة المحددة دون سقف استهلاك، وبمضاعفة حجم الاستهلاك للاشتراكات ذات حجم استهلاك محدود. تدهور وتراجع للقطاع بعد أن كان ثالث قطاع مساهم في إيرادات خزينة الدولة.

وفيما رواتب العاملين في القطاع، التي لا نعلم كيف تم تأمينها، تشكّل نسبة 7%، هناك نسبة 64% من المصاريف تُدفع ثمناً للمازوت (وللهدر والفساد باب هنا). كل ذلك وسوق أسود لبيع بطاقات التعبئة يرحب باللبنانيين بخاصة القاطنين منهم في الأرياف والقرى، بدأ خلال اضراب موظفي شركات الاتصال، عملية تخبئة وتخزين للبطاقات لبيعها بأسعار مرتفعة ومتباينة في الشمال وعدة مناطق اخرى رغم فك الموظفين لإضرابهم المفتوح، مهددين بأن الحل المؤقت لأمر رواتب الموظفين وحوافزهم لم يحل أزمة القطاع، وأن "ألفا" و"تاتش" على شفير الإفلاس و"فلتان السوق"، إذ لا يجرؤ أصحاب القرار على إعادة النظر بالتعرفة المعتمدة، في حين أن مصرف لبنان لن يستمر في دعم القطاع كما دعم الكهرباء في السابق، وبالأخض لا يجرؤون على خصخصة القطاع.

لا بل وقد بدأت شركات نقل المعلومات وخدمات الإنترنت، كـ"سوديتيل" وشركتي IDM و Cyberia وغيرها بالاجتماع معاً كمنافسين واتخاذ قرار موحد، مسموح قانوناً، برفع أسعار خدمة الإنترنت، على الزبائن من المؤسسات والشركات دون الأفراد، كمرحلة أولية، بحيث أنهم يدفعون للدولة على الـ1500 ويتقاضون من الشركات والمؤسسات على الدولار. في ظل تعنت فريق حزب الله وحركة أمل عدم عقد جلسات مجلس الوزراء وإيجاد الحلول السريعة لباب الهدر هذا.

والجدير بالذكر أنه من المتوقع رفع تعرفة الإنترنت للأفراد في المستقبل المنظور، في إطار تصحيح الأسعار، والدولة "مكانك راوح" تحمل مصير أهم القطاعات المنتجة بكأس من "النوم" المرصّع بالفساد ومن ثم يتراشقون الإتهامات، دوامة لا لا أحد يعرف متى تتوقف، "الشعب يئن والمسؤل "غافي".
فإلى متى؟!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة