أثار الإعلان الروسي الأخير بشأن سحب جنود من المنطقة الحدودية مع أوكرانيا التساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى انفراجة للتوترات القائمة بسبب الحشود العسكرية الروسية في المنطقة، خاصة في ظل الحديث عن مفاوضات مع الغرب لحل الأزمة.
وأعلنت موسكو، السبت، عودة أكثر من 10 آلاف جندي روسي إلى قواعدهم بعد إجراء تدريبات استمرت شهرا في جنوب البلاد، خاصة بالقرب من الحدود الأوكرانية، في ذروة التوتر بين موسكو والغرب.
ومنذ أكثر من شهر، يتهم الغرب روسيا بحشد نحو 100 ألف عسكري على الحدود الأوكرانية بهدف التدخل عسكريا فيها.
وترى محللة الشأن الروسي، آنا بورشفسكايا، أن سحب الجنود مجرد "تحرك تكتيكي"، مستبعدة تماما أن يكون ذلك "تغييرا في الموقف الروسي أو علامة على أن موسكو تغير أهدافها الاستراتيجية".
وتشير في حديث مع موقع "الحرة" إلى أن عدد الجنود الذين تم الإعلان عن سحبهم "صغير جدا" بالنظر إلى الحشود التي وصلت إلى أكثر من 100 ألف جندي والعدد المتبقي هناك.
وتلفت إلى أنه قبل يومين فقط، زادت روسيا من عدد قواتها هناك.
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أعرب قبل يومين عن قلقه بشأن تحركات للقوات الروسية في منطقة دونباس بشرق البلاد، حيث تقاتل قواته متمردين مدعومين من الكرملين منذ عام 2014.
وأصدر مكتب زيلينسكي بيانا أكد فيه على أهمية مشاركة الولايات المتحدة في تسوية سلمية للصراع.
وخصصت صحيفة نيويوك تايمز تقريرا خاصا عن تدريب متطوعين مدنيين في أوكرانيا على المهارات القتالية، ضمن خطة دفاع استراتيجية في حالة إقدام روسيا على غزو البلاد.
كان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد حذر نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في مكالمة عبر الفيديو في وقت سابق من هذا الشهر من أن روسيا ستواجه "عواقب وخيمة" إذا هاجمت أوكرانيا.
ونفت روسيا نيتها القيام بغزو، واتهمت بدورها أوكرانيا بالتخطيط لمحاولة استعادة السيطرة على الأقاليم الخاضعة حاليا لسيطرة المتمردين المدعومين من موسكو بالقوة.
وفي غضون ذلك، قدمت موسكو مطالب أمنية من واشنكن و"الناتو" تتلخص في تعهد الحلف بعدم التوسع في بلدان الاتحاد السوفييتي السابق، وعدم ضم أوكرانيا للمنظمة الأمنية.
وفي ظل هذه التوترات، أعلنت واشنطن وموسكو بدء محادثات أمنية الشهر المقبل، من المتوقع أن تناقش هذه المطالب.
وحث بوتين دول الغرب على التحرك بسرعة لتلبية مطالبه، محذرا من أن موسكو ستضطر إلى اتخاذ "تدابير عسكرية تقنية مناسبة" إذا واصل الغرب ما أسماه ”مساره العدواني على عتبة وطننا"، وفق تصريحات له نقلتها فرانس برس.
وقال: "ليس لدينا مجال للتراجع"، مضيفا أن الناتو يمكن أن ينشر صواريخ في أوكرانيا تستغرق أربع أو خمس دقائق فقط للوصول إلى موسكو.
وأضاف: "لم نقدم على هذا الأمر لنصل إلى طريق مسدود، لكن بغرض التوصل إلى نتيجة دبلوماسية تفاوضية سيتم تحديدها في وثائق ملزمة قانونا".
وتقول المحللة الروسية إن التحركات العسكرية الأخيرة، ربما إشارة روسية قبل المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا في كانون الثاني.
وحتى الآن، رفضت الولايات المتحدة وحلفاؤها تقديم أي ضمانات إلى بوتين بشأن أوكرانيا، مشيرين إلى مبدأ "الناتو" الذي يتيح العضوية لأي دولة مؤهلة، بيد أنهم وافقوا على بدء محادثات أمنية معها.
وتقول المحللة إن "الولايات المتحدة وروسيا لاتزالان تتفاوضان، ولا يزال هناك خلاف حول كيفية إجراء هذه المناقشات، ومن غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا ستكون جزءا من هذه المناقشات".
وتضيف, "الأمور لا تبدو واضحة حتى الآن، والموقف الروسي يطرح الكثير من الأسئلة".
وتقول إن موسكو تعرف أن المطالب التي طرحتها "غير واقعية ولا يمكن أن تكون بداية لمناقشات، وإذا كانوا يدكرون أنها وعود لا يستطيع الغرب الوفاء بها، فهل هناك شيء آخر؟ هل هناك خطة لخلق ذريعة لشن هجوم؟".
وتشير إلى أنه بشكل عام يبقى الوضع على الحدود متوترا تماما كما كان قبل سحب 10 آلاف جندي.
اخترنا لكم



