المحلية

placeholder

جورج طوق

ليبانون ديبايت
السبت 23 تشرين الأول 2021 - 07:38 ليبانون ديبايت
placeholder

جورج طوق

ليبانون ديبايت

فائض القوّة وكساد موسم الصواريخ

فائض القوّّة وكساد موسم الصواريخ

"ليبانون ديبايت" - جورج طوق

مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في لبنان والسقوط الحر لقيمة العملة الوطنية، لم يعد المال، كما يشدو القول الشعبي، يشتري السعادة والراحة والطمأنينة. ليس ذلك لارتفاع مستوى الروحانية والرومانسية والتواضع عندنا، بل لأنّ الطازج منه نفذ، والبائت أصبح إمّا بلا قيمة وإما مسجوناً، بأحكام عرفية خلف مناضد المصارف، بلا موعد إخلاء سبيل.

لقد أضحت العملة الصعبة صعبة جداً وأمسى المستورَد، على أنواعه، رفاهية لا تُكرم بحضورها إلّا الملوك. والملوك في لبنان، لسوء الطالع، هم أولئك المتربّعون على عروش الحكم والارتهان والعمالة والاقتتال والميليشيات والدم والاحتكار والفساد والنهب.

وحده سلاح حزب الله، من بين كلّ ما هو مستورَد، يشهد انهياراً في القيمة على غرار باقي أحوال البلد. تعود مسبّبات الاستثناء هذا لعوامل متعدّدة، وأهمّها على الإطلاق، هو ضيق المساحة الزمنية لفتح بازار الصفقات السياسية الكبرى، وصعوبة اقتناص اللحظة المُثلى لصيد السعر الأعلى للأصول المدّخرة على طاولة التفاوض.

استثمر الحزب في محاربة إسرائيل على مدى أربعة عقود، جمع خلالها العديد والعتاد والانتصارات والتأييد والهيبة والنفوذ بحزم وإرادة وجدّية وبصيرة وصبر. لكن في خضّم زمن التفاوض والمفاصلة والمقايضة، فقد صبره. فهو يشهد على تراجع سعر صرف صواريخه يوماً بعد يوم، فيفقد صبره أكثر فأكثر، ويفقد معه أيضاً الـ "poker face"، أحد أهم عناصر القوة على طاولة المقايضة. باتت نواياه مكشوفة، فتُسهم بدورها في تراجع قيمة أوراق المقايضة، ليعلق في دوّامة مفرغة يبدو الخروج منها عسيراً جداً.

يُفصح آداء الحزب مؤخّراً عن أزمته في الداخل والخارج. فهو جمع رصيداً معنوياً وعسكرياً وشعبياً باهظاً بمقاومة العدو الإسرائيلي والدائرة الداعمة له. رصيد لا يمكن صرفه إلّا عند الدائرة نفسها، وهو، في نهاية المطاف، مؤسّسة تبغي الصرف. هو في سباقٍ مع الوقت. تتهشّم، كل يوم، صورة البطل الصادق الخارق القادر على مواجهة كلّ مشقّة وعسرة. يأتي بالمازوت من إيران لكسر الحصار المزعوم عن شعبه، ثم يبيعه له بسعر غير مدعوم. يزيد من حدّة النفور والعداء مع محيطه بشكل تصاعدي. يدّعي النزاهة ويهاجم الثورة ليحمي منظومة الفساد والدمار. يشيطن مصارف البلد ويمجّد مصرفه. يحاضر في العفة ويطعن العدالة والتحقيق ويهدّد القاضي بيطار. يدّعي الوداعة والتعفّف ويناوش جيرانه على يمناه ويسراه.

لم يشعر الحزب بهذا الكم من الدُوار والضياع حتّى في أعتى معاركه في وديان الجنوب وجبال عرسال ولا في وحول سوريا.

يستعجل الحزب صرف أوراقه قبل فوات الأوان. هو على يقين أنّ سعر صرف الصواريخ غير مستقر، وقد يشهد، في أي لحظة تبدّل في الأرصاد السياسية الدولية، انهياراً حاداً. يوقن أيضاً أنّ فائض القوة حينها، على غرار أيّ فائض منتج آخر، يصبح مشكلة كساد تقليدية.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة