اقليمي ودولي

ساسة
الخميس 07 تشرين الأول 2021 - 19:50 ساسة
ساسة

الليلة التي زلزلت "إمبراطورية مارك".. 7 أسئلة تشرح لك ما نعرفه حتّى الآن

الليلة التي زلزلت "إمبراطورية مارك".. 7 أسئلة تشرح لك ما نعرفه حتّى الآن

كان من المفترض أن تكون بداية أسبوع طبيعية في أغلب دول العالم، وخصوصًا الولايات المتحدة. الجميع توجه إلى أعماله صباح يوم الاثنين 4 تشرين الأول 2021، بعد نهاية الإجازة الأسبوعية بشكل روتيني معتاد، لكن ما حدث بعد ساعات قليلة من بداية اليوم بتوقيت الولايات المتحدة هز العالم بأسره لساعات طويلة.

فقد تعذَّر الوصول إلى موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم، "فيسبوك"، بالإضافة إلى التطبيقات الأخرى التابعة للشركة، ومنها "إنستجرام" و"واتساب"، ليكشف لنا هذا التوقف حجم اعتماد العالم على هذه المنصات الحيوية التي يستخدمها مليارات الأفراد للتواصل والاتصال يوميًّا.

ثارت العديد من التساؤلات حول ما حدث، فخرجت أقاويل بأن "فيسبوك" تعرض لهجوم قراصنة غير مسبوق، وأقاويل أخرى تحدثت عن مشكلات تقنية داخل خوادم الشركة. فما الذي نعرفه عما حدث؟ وما حجم تأثيره في العالم؟ وهل له علاقة بما سربته إحدى موظفات "فيسبوك" السابقات قبل يومين؟

أفاد المستخدمون بأن كافة تطبيقات شركة "فيسبوك" (فيسبوك وإنستجرام وواتساب وماسنجر)، بدأت في عرض رسائل خطأ في حوالي الساعة 11:40 صباحًا بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة (18:40 بتوقيت مكة المكرمة). في غضون دقائق، اختفى موقع "فيسبوك" نفسه من الإنترنت. واستمر الانقطاع لأكثر من خمس ساعات، قبل أن تعود بعض التطبيقات ببطء إلى الحياة من جديد، على الرغم من أن الشركة حذرت من أن الخدمات ستستغرق وقتًا للاستقرار.

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية كشفت عن أن العطل الذي واجهه "فيسبوك" كان كبيرًا لدرجة أن الشبكة الداخلية للشركة المسماة (workplace) قد تعطلت. هذا الأمر تسبب في عدم قدرة موظفين على دخول مقر الشركة بسبب توقف عمل بطاقاتهم الإلكترونية نتيجة تعطل بعض الخوادم الداخلية في الشركة، وجعل معظم الموظفين غير قادرين على أداء وظائفهم في إصلاح الخلل سريعًا.

في النهاية، أعاد "فيسبوك" الخدمة للمستخدمين بعد أن تمكن فريق تقني من الوصول إلى أجهزة كمبيوتر الخادم الخاصة به في مركز البيانات بولاية كاليفورنيا، ثم تمكنوا من إعادة ضبطها من جديد.



أثار هذا الأمر ضجة في العالم، وكبد مؤسس "فيسبوك"، مارك زوكربيرج، خسائر قدرت بـ7 مليارات دولار، وتسبب في تراجع أسهم الشركة في البورصة الأمdركية قرابة 5%، وهي الخسارة اليومية الأكبر للشركة منذ عام تقريبًا. كذلك فقدت "فيسبوك" نحو 545 ألف دولار عائدات الإعلانات بالولايات المتحدة عن كل ساعة انقطاع للخدمة، وفقًا لتقديرات شركة قياس الإعلانات "ستاندرد ميديا إندكس".

لم ترتبط الخسائر فقط بـ"فيسبوك"، إذ أدى توقف المنصة إلى ضرر في أسواق الأسهم العالمية، فهوى مؤشر "ناسداك" المجمع لأسهم التكنولوجيا في بورصة نيويورك لأدنى مستوى في أكثر منذ ثلاثة أشهر، بنسبة 2.4%، وهبط سهم "تويتر" بنحو 6%، و"أمازون" بنحو 3%.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها انقطاع لـ"فيسبوك"، إذ كان آخر انقطاع كبير في عام 2019، عندما أثر خطأ تقني في مواقعه لمدة 24 ساعة.



بعد ساعات من توقف الخدمات ثم عودتها تدريجيًّا، قالت شركة "فيسبوك"، الثلاثاء 5 تشرين الأول 2021، إن السبب الرئيسي وراء العطل الذي أصاب مواقعها هو "تعديلات خاطئة في الإعدادات"، تسببت في حرمان 3.5 مليارات مستخدم من استخدام "فيسبوك" و"إنستجرام" و"واتساب"، وغيرها.

"فيسبوك" أشارت إلى أن مهندسيها اكتشفوا أن "تعديلات على أجهزة التوجيه (الراوتر) الرئيسية التي تنسق الحركة بين مراكز البيانات، تسببت في مشكلات أدت إلى توقف الاتصال". وأضافت الشركة أنه لا دليل لديها على تعرض بيانات المستخدمين للاختراق من جراء هذا العطل.

يذكر أن صحيفة أميركية نقلت عن مدير تحليل الإنترنت في شركة "كنتيك" لمراقبة شبكة الإنترنت، أن "فيسبوك" أجرى تغييرًا على ما يبدو، صباح الاثنين، بتوقيت واشنطن، في معلومات توجيه الشبكة، وهو ما أثر في خوادم نظام أسماء النطاقات الخاصة بالشركة، والتي تعمل بوصفها نوعًا من نظام البحث على الإنترنت. هذه التغييرات التي أجرتها "فيسبوك" جعلت نطاقات الموقع غير متاحة وأجبرتها على قطع الاتصال بالإنترنت.

الإنترنت عبارة عن الكثير والكثير من الشبكات المتصلة بعضها ببعض. وحتى يكون الإنترنت إنترنتًا، فإنه يعتمد على شيئين رئيسيين، بروتوكول بوابة الحدود، ونظام أسماء النطاقات. فمن أجل الحفاظ على ترتيب الشبكات داخل الإنترنت والتوجه خلالها بسلاسة، فأنت بحاجة إلى شيء يسمى "بروتوكول بوابة الحدود" (BGP) لإخبارك إلى أين تريد الذهاب. هذا البروتوكول مصمم لتبادل المعلومات المتعلقة بالتوجيه بين الأنظمة المختلفة في الإنترنت.

كذلك، أنت بحاجة إلى نظام أسماء النطاقات (DNS)، والذي هو في الأساس نظام العنوان لموقع كل موقع على شبكة الإنترنت (عنوان IP الخاص به). بينما بروتوكول بوابة الحدود هو بمثابة خارطة الطريق التي تجد الطريقة الأكثر فاعلية للوصول إلى عنوان IP هذا.



ما حدث يوم الاثنين، هو أن سلسلة التحديثات التي قام بها "فيسبوك" أخبرت بروتوكول بوابة الحدود أن المسارات نحو موقع "فيسبوك" لم تعد موجودة من الأساس. أي إن خريطة المسارات التي توصل المستخدم إلى "فيسبوك" وبقية تطبيقاته لم تعد موجودة من الأساس.

هذا يعني أنك عندما تكتب عنوان "فيسبوك" على متصفح الإنترنت، يفترض أن بوابة الحدود يجب أن تأخذك إلى اسم النطاق الخاص بـ"فيسبوك" على الإنترنت. لكن بسبب عدم وجود المسارات الخاصة بـ"فيسبوك" على الخريطة، فإنك تكون عاجزًا عن الوصول؛ لأن الإنترنت يقرأ أنه لا وجود لهذا الموقع.

في الوقت نفسه الذي كانت فيه منصات "فيسبوك" متوقفة، كان رئيسها مارك زوكربيرج، مشاركًا في حدث مباشر لمح خلاله إلى إمكانية استهدافه من طرف الصين، التي قال إنها تحاول فرض قيمها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي لن يسمح به، على حد تعبيره. وأكد أن بكين تملك الآن ستة من أصل 10 مواقع تواصل اجتماعي كبرى موجودة حاليًا في العالم.

جاء ذلك خلال دفاع زوكربيرج عن شركته وللرد على ما وصفها بـ"مزاعم الترويج لخطاب العنف والكراهية" التي ذكرتها الموظفة والمسؤولة السابقة للشركة في مقابلة تلفزيونية، وهو الأمر الذي نفاه تمامًا، وصرح في هذا الخصوص بأن فيسبوك "ترفض" خطابات وصف المسلمين بالإرهاب على سبيل المثال.

من ناحية أخرى، ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أنها فتحت تحقيقًا حول فرضية حصول تهديد أمني استهدف الموقع الأشهر. وقالت وزارة الدفاع في بيان إنها تنظر حاليًا فيما إذا كان هناك أي تهديد أمني وراء توقف عمل منصات التواصل الاجتماعي في العالم.

في هذا السياق، أوضح خبراء أمنيون أن العطل قد يكون نتيجة خطأ داخلي، وإن كان التخريب من قبل شخص من الداخل ممكنًا نظريًّا أيضًا. وينظر الخبراء إلى مسألة حدوث اختراق خارجي على أنها أقل احتمالًا. فهجوم كبير لقطع الخدمة يتطلب إما التنسيق بين جماعات إجرامية قوية، وإما تقنية مبتكرة للغاية للتغلب على أحد أشهر المواقع في العالم.

هذا التوقف المفاجئ لمنصات "فيسبوك" يعد الضربة الثانية للشركة خلال يومين فقط. فالضربة الأولى جاءت بعد اتهامات واجهتها الشركة العملاقة يوم الأحد 3 تشرين الأول من إحدى الموظفات السابقات لديها، بأن الشركة تعطي أولوية للربح على حساب تضييق الخناق على خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.

هذه الموظفة قالت إنها تمكنت من الوصول إلى عشرات الآلاف من صفحات المستندات الداخلية للشركة، واكتشفت أمورًا غير قانونية. الموظفة هي فرانسيس هاوجين، التي عملت مديرة المنتج لما يقرب من عامين في فريق التضليل المدني في الشبكة الاجتماعية قبل مغادرتها في أيار 2021.

استخدمت هاوجين الوثائق التي جمعتها لفضح مدى معرفة "فيسبوك" بالأضرار التي يتسبب بها وقدمت الدليل إلى المشرعين والمنظمين ووسائل الإعلام. وفي مقابلة تلفزيونية قالت إن الشركة وضعت مرارًا وتكرارًا مصالحها الخاصة أولًا بدلًا من المصلحة العامة، مؤكدة بالوثائق أن الشركة تفضل الربح على السلامة.

هذا الأمر جعل البيت الأبيض يصدر بيانًا حول تلك التسريبات التي وصفها بأنها أحدث حلقة من سلسلة حول منصة التواصل الاجتماعي توضح أن التنظيم الذاتي لها لا يعمل. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن التسريبات تثبت صحة "القلق الكبير الذي عبر عنه الرئيس والمشرعون من الحزبين بشأن كيفية عمل عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي والسلطة التي جمعوها"، وهو ما يحتاج إلى إصلاحات أساسية لمعالجة هذه القضايا.

في النهاية، أوضح هذا الانقطاع كيف تتحكم إحدى شركات التكنولوجيا العملاقة في الجزء الأكبر من حياتنا الاجتماعية عبر الإنترنت. ما عليك سوى إلقاء نظرة على مقدار بياناتنا واتصالاتنا الشخصية التي تمر عبر إمبراطورية مارك زوكربيرج لتفهم ما يحدث.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة