فتات عياد - التحري
في كل دول العالم، تمر المجتمعات بأزمات، وفي كل دول العالم، تصيب الشعوب محن، بعضها عابر وبعضها مزمن. لكن فقط في لبنان، تظل "البهدلة" مرافقة للمواطن، من المهد إلى اللحد!
ومنذ أسابيع وفي مشهد "تمثيلي" انتقده البعض، حاكت مجموعة أشخاص حالة نقل مريض في بيروت من مستشفى إلى مستشفى سيرا على الأقدام، بسبب الشح في مادة البنزين، وغياب وسيلة نقل.
وهذه المحاكاة سرعان ما تحققت اليوم ، حيث اضطر الدكتور زكي سليمان لركوب دراجته الهوائية لإجراء عملية ولادة في مستشفى رزق بعد انقطاع سيارته من البنزين.
والطبيب الثائر على الوضع المأساوي، أبى إلا أن يوثق اللحظة، فالتقط صورًا مع الرضيع بعد الولادة، وهو يرتدي ملابس الرياضة الخاصة بركوب الدراجة، وعلّق برسالة وجهها للطفل، قائلاً : "احتفظ بهذه الصورة أيها الصغير، ففي يوم من الأيام سيخبرك والداك أن طبيبك جاء على متن دراجته لولادتك، لأنك ولدت في زمن شح البنزين والأدوية والكهرباء والطعام، في بلد 90٪ من مواطنيه بلا كرامة".
وهكذا، وقبل أن يولد الطفل حتى، اختلطت ساعات مخاض ولادته بذل ثلاثي: ذل تعرض له الطبيب لناحية تعذر وصوله إلا على متن دراجة، وذل تعرضت له والدته في عز ساعات المخاض والألم، فازدادت آلامها خوفا من عدم تمكن الطبيب من الحضور، وذلا من أسباب تعذر الوصول. اما الطفل الذي فتح عيناه على ذل يحيط به من كل حدب وصوب، فلا يعلم بعد أن قدر كل لبناني مهما صغر أو كبر، "البهدلة" في لبنان...
اخترنا لكم



