التحري

الثلاثاء 31 آب 2021 - 18:56

البيطار يضرب بمطرقة الشعب: السياسيون "كرات" كروكيه على أبواب "قوس" العدالة!

placeholder

فتات عياد – التحري
كاريكاتير - وليد شهاب

أخطر مآلات "تهافت الفلاسفة" من الصحفيين وأجراء الأقلام وخبراء القانون المُستجدّين تشريع أبواب التنظير على المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي تم تعيينه بالإجماع من "كلن يعني كلن" وعلى رأسهم حزب الله وشريكه الحاكم بأمره وممثلته في وزارة العدل ماري كلود نجم.
أبواب كانت مغاليق، فتحت على رائحة كريهة بعنوان "6 و 6 مكرر" أو التوزيع الطائفي حتى على لائحة الإستدعاء. الجميع بات فقيهاً محاضراً ومنظّراً على رجل القانون يريد تعليمه "مسار الحقيقة" و يعتبر مذكرات الإستحضار الصادرة بقرار منه "ضرباً من المزاح" بالأخص أبواق الأخبار المغلوطة.

وعلى "إجر ونص"، تقف الطبقة السياسية بأتباعها وأبواقها خوفاً من ضربات البيطار المقبلة إذ يبدو أن البيطار يجيد لعب الكروكيه ضد خصومه. وهي لعبة رياضية فردية أو زوجية (بين فريقين)، يتم اللعب فيها بالكرتين الزرقاء والسوداء ضد الكرتين الحمراء والصفراء. لكن المفارقة في نسخة بيطار للكروكيه المحلية، أن خصومه استحالوا "كرات" بين يدي مطرقته، وها هم يخشون المرور المحتم بين "قوس" المحاكمة.

وفي لبنان، نسخة استثنائية، للكروكيه، تلاقت فيها الكرات الزرقاء بالصفراء، بهدف إعاقة العدالة، فتيار المستقبل والرئيس سعد الحريري شاركوا وحزب الله وحركة أمل في عريضة الاتهام النيابية لتحويل النواب المدعى عليهم بالملف (نهاد المشنوق- علي حسن خليل- غازي زعيتر) إلى محكمة خاصة بالرؤساء تنصلاً من رفع الحصانة النيابية عنهم.

ملفت كان استنفار المنظومة الفاسدة، بغالبية أطرافها ضد مطرقة بيطار. ما يؤكد سلسلة "الداما" التي تخشى وقوع أحد أطرافها. ومضحك كان ما شنه الحريري من هجوم غير مسبوق على البيطار، وتباكيه ونادي رؤساء الحكومات السابقين وكذلك مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، على موقع رئاسة الحكومة. الموقع الذي يبدو بالنسبة لهم، ولحزب الله الحريص على افشال القاضي، أغلى من بيروت المدمرة وأهلها. لا بل أعلى من المحاسبة-ليس محبة برئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بلا شك- بل خشية من استدعائه ومحاسبته، وما سيتلوها من استدعاءات من جهة، وما تعنيه محاسبة دياب كتسجيل ضربة قاضية في مرمى "الخط الأحمر" الذي رسمته دار الإفتاء، حول هذا الموقع، من جهة ثانية!

يستسهل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله التدخل بأمور القضاء، والحكم على القاضي بـ"انتقائية الإستدعاء" ويصرّ عليها. ويلصق اتهاماته بكل أريحية وعلانية بقاضي التحقيق محاولاً انتزاع مطرقته منه. لكن عبثاً استطاع، سيما وأن الشبهات حول حزب الله، كمستورد لأطنان من النيترات لصالح النظام السوري، تتعاظم يوماً بعد يوم.
وحزب الله الضوضائي، وهو الممثل بـ"قوى الأمر الواقع" المسيطرة على لبنان، هو أكثر المتضررين من دولة القانون، ولا شيء قد يستفز ميليشيا خارجة عن الشرعية، ومتحالفة مع مافيا السلطة، أكثر من نهج البيطار القضائي، الذي قد يوصل لبنان إلى سكة العدالة، مكرساً دولة القانون التي يكون فيها اللبنانيون سواسية، لا دولة الاستقواء وقانون "القوي يحكم الضعيف"ّ!

وعبثاً بثّ إيلي الفرزلي، نائب رئيس مجلس النواب نبيه بري، سمومه على البيطار، الذي بات "كابوساً" حقيقياً للطبقة السياسية التي تخلصت من سلفه القاضي فادي صوان، لتجد قاضياً أشرس في ضرباته القانونية، وأكثر عناداً وحذراً من سلفه، وأكثر تمرساً بالقانون، وهو تمرس للصالح العام، على عكس تمرس المنظومة الحاكمة الاستنسابي بالقانون، لمصالحها الشخصية الضيقة!

وها هو القاضي "الكابوس" لدى الطبقة السياسية، يستحيل "حلماً" لدى اللبنانيين التائقين لإحقاق العدالة، لكن المباراة "بعدها بأولها"، وأنفاس الجماهير محبوسة، على وقع حساسية اللعبة، وتجمهر "كراتها" ضد مطرقة العدالة التي تضرب باسم الشعب!

أهداف البيطار...

ولم تفلح الطبقة السياسية بسحب بساط شرعية بيطار من تحت أقدامه، فعلى الرغم من كل محاولاتها تشويه وتفريغ ضرباته القانونية من مضمونها، بقيت ضرباته متوازنة ومتسلحة بالقانون وبحق بيروت والحق العام وحق أهالي الضحايا.

وفيما يلي بعض من محاولات الالتفاف على البيطار، التي كان لها بالمرصاد:

-لا خطوط حمر أمام القاضي البيطار، فهو استدعى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، "رجل المهمات الصعبة"، الذي يبدو أن البيطار بات منافساً جدياً له على اللقب! وابراهيم الذي رفع صوره على طول طريق المطار كحصانة طائفية له، لم تثنِ هذه الحصانة على ضعف حجتها، أهالي ضحايا انفجار المرفأ من محاولة اقتحام منزل وزير الداخلية محمد فهمي، لحثه على رفع الحصانة عن ابراهيم، والذي فضّل تغيير مكان إقامته، وعرقلة مسار العدالة، عوض تنفيذ القانون.

-أما المدعى عليه النائب نهاد المشنوق، فحاول التذاكي على الرأي العام اللبناني، وتوجه إلى مكتب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار الذي أبلغه عبر أمانة السر رفضه الإستماع إليه كشاهد.
وأوحى المشنوق أنه حريص على التحقيق أكثر من البيطار نفسه، لكن الأخير لم يسقط في فخ المشنوق، لأنه سبق وطلب من المجلس النيابي رفع الحصانة عنه كي يتمكن من الاستماع إليه بصفة "مشتبهاً فيه" وهو الأمر الذي لم يقم به المجلس حتى الساعة، وهو ما جعل بيطار يرفض مقابلة المشنوق كـ"شاهد".

-ولم يثن تنصل الرئيس دياب رفع الحصانة عن مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وموافقة دياب على إلحاق الطلب بالمجلس الأعلى للدفاع، بناء لاستشارة صدرت في هذا الخصوص عن هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل، المحقّق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طارق البيطار طلب الحصول على إذن ملاحقة صليبا من المجلس الأعلى للدفاع.

-أما مذكرة الجلب بحق الرئيس دياب، فأتت بعد رفضه حضور جلسة استدعائه التي كانت مقررة في 26 آب الحالي، وهي خطوة يكفلها القانون للمحقق العدلي، ولو كره المعرقلون.
وآخر "ضربات" البيطار القضائية، كان توقيفه اليوم عضو المجلس الاعلى للجمارك هاني الحاج شحادة بعد استجوابه، و"الحبل عالجرار"...

الالتفاف حول العدالة

في لبنان إدارات فاشلة، وأخرى فاسدة، وجسم قضائي ينهشه "دود" التدخل السياسي بالقضاء، ويوماً بعد يوم، يتضح أن البيطار حالة شاذة عن حالة الشذوذ اللبناني العقيم. ولم ينجح البيطار حتى اليوم بتحصين ملفه من شرور المنظومة وخبثها لأنه شخصية "خارقة"، بل بالقانون وقوة قضية انفجار مرفأ بيروت، فهو نجح بتعرية الطبقة السياسية وكشف محاولاتها حماية المسؤولين عن الانفجار، وتكمن قوته بأن مطرقته تضرب حتى الساعة، باسم الشعب، الذي يقف خلفه ويشجعه في كل ضربة من ضرباته، بينما يقف مناصرو المجرمين ويشجعونهم في إخفاء الجرم وطمس العدالة، وشتان بين الجمهورين!

يضرب البيطار ضرباته بثقة لبناني حالم بعدالة طال انتظارها... وكم يحتاج لبنان للانتصار على اللاعدالة، كسبيل وحيد لإيقاف نزف جرح بيروت، ووضع حد لآلة القتل!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة