"ليبانون ديبايت" - وليد خوري
تخطَّى عُمر التكليف حوالي37 يوماً، ومرّ بـ "مخاضٍ عسير"، وتبيّن وحتى الـ48 ساعة القادمة أنّ لا نيّة لدى الرئيس المُكلف تشكيل الحكومة بتسهيل الولادة لأسباب تتكشف مع كلّ خطوّة أو موقف يصدر عنه.
وظَهر التباين الواضح في موقف الرئيس المُكلف نجيب ميقاتي من خلال مُشاركته ببيان رؤساء الحكومة السابقين وتَبنّيه له، والذي ظاهره الرد على قاضي التحقيق في قضية إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار وباطنه تَحميل رئيس الجمهورية مسؤوليّة الإنفجار، ليُسجّل بذلك نقطة سلبيّة على طريق التفاهم مع رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة".
أمّا الموقف المُستغرب له كرئيس مُكلف هو قراره "الصامت" من موضوع رفع الدعم ليَجلس في مقاعد المُتفرجين وكأنّ الموضوع لا يعنيه أو أنّه يَنتظر أن ينفجر هذا "اللغم" برئيس حكومة تصريف الأعمال "المُستسلم لقدره السياسي"، بَدل أن يُسارع إلى تشكيل حكومة تتخذ جملة إجراءات إستباقيّة تمتصّ إلى حدٍّ ما تداعيات رفع الدعم، لكنه يُفضّل أن يَنفجر "اللغم" بالرئيس دياب بَدل أن يُسارع هو لتفكيكه وتجنيب الشعب تجرّع الكأس المر.
والمُستهجن بِمن يُريد تشكيل حكومة" أن "تَشغله الضمانات القضائيّة لبعض الموظفين الكبار أو السؤال عن مصير القاضية غادة عون وبعض الملفّات العالقة أمام القضاء، فهل يربط مصير التأليف بمصير موظف أو قاضٍ؟
ويبدو أنّ الرئيس ميقاتي يُضيّع من يده في كل يوم تأخير فرصة الإستفادة من الدعم الخارجي والضغط الداخلي، وبَدل أن يُسرِّع للإستفادة من هذا الوضع تراه يَذهب لإستمهال الفرنسيين ويطلب مزيداً من الوقت مع إشارات يُطلقها بإتجاه الأميركيين يُحمّل فيها مسؤولية التعطيل لفريق رئيس الجمهورية وبالتحديد جبران باسيل ونغمة الثلث المُعطّل.
وهو بهذا التحريض على رئيس الجمهورية يَنقلب على الشعار الذي رفعه عند تكليفه بأنّ الرئيس عون هو شريك كامل بالتأليف، فكيف يكون شريكاً في التأليف ويذهب لمناقشته في الأسماء المسيحية حصراً بينما يُسلّم بدون أي نقاش بالأسماء التي طرحها بقيّة الأفرقاء من "سنة وشيعة ودروز"، ويَذهب أبعد من ذلك بطرحه أسماء مسيحيّة لحقائب حسّاسة وذات أهميّة في المرحلة المُقبلة وهي حقائب "العدل" و"الاقتصاد" و"الشؤون الإجتماعية".
وممّا يُبعد المسافة عن التشكيل إنضوائه بشكلٍ صريح إلى عصابة التعطيل(بري- الحريري- جنبلاط)، ويزرع "ألغاماً" تفوح منها رائحة الحسابات الضيقة، مثل اللغم الذي حاول زراعته في منطقة كسروان بموافقته على حقيبتَيْ "الاتصالات" و"الاعلام" لتيار المردة لشخصيتيْن مارونيتيْن من كسروان في محاولة استفزازية لرئيس الجمهورية، الذي سَبق له أن سهّل على الرئيس المُكلف مهمته بالموافقة على أسماء كان يتحفظ على بعضها مثل إسم يوسف خليل لوزارة المالية الذي كان يرفضه وعاد وقبل به بعد إصرار الرئيس بري عليه.
أمّا فيما خصّ شعار حكومة الإختصاصيين فإنّ الرئيس المُكلف "نَحرها" بإعلانه أنّه يُفضّل إعطاء التيارات السياسيّة وفق أحجامها بما يَليق بها في الحكومة، فأين تمسكه بالمبادرة الفرنسيّة لجهة تشكيل حكومة إختصاصيين وهو من يتغنَّى بالدعم الفرنسي له ويَنقلب على مبادرة ماكرون.
وهو لا يكتفي بالإنقلاب على المبادرة الفرنسيّة بل يَنقلب على الإتفاقات "المُبرمة" بين ليلة وضحاها، فيوافق مَثلاً على إسم اللواء أحمد الحجّار الذي طرحه رئيس الجمهورية لوزارة الداخلية ثم يعود بعد إجتماعه مع نادي رؤساء الحكومات السابقين ليتملص من الموافقة.
وهَل من يُريد أن يُشكل حكومة يقف على مسافة بعيدة يُراقب السفن الإيرانيّة تشقُ غمار البحاربإتجاه لبنان، وكأنّه غير مَعني بما سيُشكل هذا الممر من تداعيّات خطيرة على خروج لبنان من الشرعيّة الدولية".
اخترنا لكم



