مريم مجدولين اللحام - التحري
كاريكاتير - وليد شهاب
صمد لبنان سنة بعد تفجير عاصمته، وصام حتى عن حليب الأطفال... ثم اكتسى هذا التأزّم ببعد آخر، هو تأزم "الطفولة" بحد ذاتها وها هي البراءة اليوم تنعي آخر ما تبقى من كرامة المواطن: "أقدام صغيرة، عيون كبيرة جميلة، ملامح بطل، ملفوف بكيس نايلون أسود ومرمي في مستوعبٍ للنفايات تحت جسر برج حمود. طفل حديث الولادة، أضعف من أن يشكو التعب، عثرت عليه بلديّة برج حمود صباح اليوم الخميس وقد حضر مسعفون من الصليب الأحمر اللبناني لمعاينته، كما تمّ إبلاغ الأجهزة الأمنيّة".
كل أسباب الحياة انتهت بعد هذا المشهد، أما رهان المنظومة على ترهيب الشعب ومقايضة الخبز بالحُكم فجبان... وضعيف جداً!
لا يمكن أن نتجاهل ما يحدث على مستوى حقوق الإنسان من انتهاكات وتضييق. تواجه أحياء بيروت وضواحيها في المتن واحدة من أقسى حملات التجويع والترهيب والعنف والحرمان، وسط تحذيرات عالمية من تفاقم الفقر ككارثة انسانية لا تفرّق بين راشد أو رضيع.
منذ الرابع من آب 2020، لم تهدأ آلة قتل النفوس التابعة للمنظومة الحاكمة، عن مواصلة الفتك بالمدنيين المحاصرين بلا حكومة. حرب إبادة مفتوحة تحصد أرواح الأطفال قبل الكبار، بين حرائق ونقصان أدوية وانقطاع في الكهرباء والمحروقات. بكل وضوح، لم تعد فرصة العيش تحت سقفٍ غير مشتعل ممكنة. وإذا لم يهزُّ مشهد الطفل المتروك لحضن النفايات عروش قادة البلاد، فلن يهزّهم زلزال.
وعلى المقلب الآخر غضب متقد تحت رماد بيروت ينمو وينتظر فرصة للانفلات من قبضة القمع يصرخ "إلا التسليم بواقع الإنهزام هذا... إلا التسليم والسكوت عن دخول بلادنا "قائمة العار" من بابها الواسع". لذا، لا خيار إلا بمحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع ورميهم، مكان ذاك الطفل كي تحتضنهم قمامة.
اخترنا لكم



