التحري

الأحد 11 تموز 2021 - 22:21

ثلاث ضحايا للنظام في يوم واحد... وجوري السيد "براءة" أطفأها خبث سلطة حاكمة!

placeholder

فتات عياد
نعم، قُتلت الطفلة اللبنانية جوري السيد التي لم تكمل بعد عامها الأول. قُتلت جوري ولم تمت ميتة طبيعية. وكيف يموت أطفال لبنان لأسباب –طبيعية- عندما تكون حياتهم في وطنهم غير طبيعية؟
وما من ذنب لجوري في موتها، سوى أن جسدها كان ينمو بشكل طبيعي، فكانت أسنانها تغرز في فمها، وهي عملية بيولوجية "طبيعية"، وتتسبب بالألم وارتفاع الحرارة، ولا تتطلب سوى الدواء الخافض للحرارة وعناية طبية وفق الحالة، لكن في لبنان باتت العناية الطبية مفقودة، تماماً كضمائر حكامنا!
وأي ظروف طبيعية تلك التي تتلف فيها أطنان حليب الأطفال ويحرم منها أطفالنا؟ وأي ظروف طبيعية تلك التي تغيب عن مستشفيات منطقة جبل لبنان، أقسام طوارئ مخصصة للعناية بأطفالها؟
وأي ظروف طبيعية تلك التي لا يوجد فيها وقود لنقل جودي من مستشفى مزبود المركزي إلى أحد مستشفيات صيدا؟ وأي ظروف طبيعية في بلد لا توجد فيه ولو حبة دواء واحدة، تمنع الموت عن أطفالنا؟
وبعدما كان لبنان "مستشفى الشرق"، بات مقبرة لأطفاله. فالبلد الذي كان يحوي أجود الخدمات الطبية في الشرق الأوسط، يتعرض اليوم لهجرة جماعية لكادره الطبي، وإضراب مفتوح لصيادلته احتجاجا على عدم تسلمهم الكميات المطلوبة من الأدوية منذ فترة، بعدما تم ترشيد دعم الأدوية، في ظل عدم فتح المصرف المركزي اعتمادات جديدة لها منذ أكثر من شهر، إضافة إلى تفاقم عمليات التهريب والاحتكار عن طريق تخزين الأدوية.
هكذا غلبت الظروف "غير الطبيعية"، نتاج "خبث" السلطة اللبنانية ونهب ثروات شعبها، على عملية نمو "طبيعية" لطفلة بريئة، لم تجد لها مكاناً وسط مستنقع الخبث الذي نعيش!
وعوض تشييع نظامنا القاتل، شيّعت بلدة عانوت اليوم الطفلة جوري بمأتم مهيب، فيما عم الحزن لبنان، فاعتبر كثيرون أن موت جوري يجب أن يتحول لـ"ثورة دواء"، في بلاد غير مجهزة لأطفالها!
وقُتلت البراءة نفسها مع جوري، على حساب خبث السلطة اللبنانية، وجشع مستودعات الأدوية، وإغلاق الصيدليات التي وإن فتحت أبوابها، فلا دواء لديها!

ليست جوري وحدها!

وهي بلاد ما عادت تنتج سوى الأمراض على أنواعها، والمرض ليس عيباً، لكن "تغييب" العلاج ليس عيباً وحسب، بل هو قتل موصوف، يضع اللبنانيين أمام آلة قتل ممنهج!
فكيف لا واليوم توفي الحاج بسام هدبا في الطريق الجديدة بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن آلة التنفس التي تمده بالأوكسيجين؟
وكذلك توفي الشاب عمر جيلاني، بعدما سقط عن سطح منزله لأنه كان يتفقد خزان المياه المقطوعة، جراء انقطاع التيار الكهربائي؟ وأليس من تسبب بدين 40 مليار في وزارة الطاقة، وكل من أفلس الدولة وصولاً للتقشف في استيراد الدواء ودعمه، مساهماً في الجريمة؟
ثلاث جرائم في يوم واحد، راح ضحيتها لبنانيون بأعمار متفاوتة. فهذا النظام لا يترك جيلاً يسلم منه. إذ أنه ممنوع لسكان لبنان أن "يكبروا"، لأن هناك زعماء باتت أحجامهم ضخمة، بعدما امتلأت بأموال اللبنانيين وتلوثت بدمائهم من انفجار مرفأ بيروت إلى مقتل جوري طفلة الـ 10 أشهر، إلى عمر جيلاني والحاج بسام هدبا... هي الدماء البريئة مقتولة، بالأيدي المجرمة نفسها!
بدورها، فتحت وزارة الصحة تحقيقاً بقضية جوري، كأنها لم تكن تعلم مسبقاً بشح الدواء أو غياب طوارئ مخصصة للأطفال في الإقليم. وخبث السلطة في لبنان يجعلها لا تخجل من السير في جنازة القتيل، بعد قتلها له، وتملصها من دمائه، وادعائها "البراءة"!

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة