تتوالى خطوات التصعيد بين المغرب وإسبانيا، إثر الأزمة القائمة بينهما على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية.
وضمن خطوات التصعيد بين البلدين ما تحدثت عنه بعض الصحف الإسبانية والجزائرية، بأن المغرب رفض تجديد عقد تسيير أنبوب غاز المغرب العربي – أوروبا، الذي يمر من الجزائر عبر المغرب، وجبل طارق إلى قرطبة، رغم عدم الإعلان عن الخطوة بشكل رسمي من قبل الرباط.
ونقلت صحيفة "إلموندو" الإسبانية، والشروق الجزائرية معلومات تفيد باستباق المغرب انتهاء العقود نهاية العام الحالي بقرار عدم التجديد.
ودشن الخط خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، والعاهل الإسباني السابق، خوان كارلوس الأول، في حفل أقيم في قرطبة، في كانون الأول 1996، لمدة 25 عاما تنهي نهاية هذا العام.
وينطلق أنبوب الغاز الجزائري، الممتد على 1400 كيلومتر، من آبار حاسي الرمل في الجزائر، تجاه إسبانيا والبرتغال، مرورا بالمغرب على مسافة تناهز 500 كيلومتر.
في هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي المغربي رشيد ساري، إن الإجراء المحتمل أن يتخذه المغرب نهاية تشرين الثاني من العام الجاري، لن يكون له تأثير كبير للدول الثلاث، مضيفا في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأنبوب الذي أنشأته الجزائر يربطها بإسبانيا عبر مليلية، وهو ما يعني أن الغاز لن ينقطع عن إسبانيا.
وأضاف أن العائدات التي يجنيها المغرب من هذه الاتفاقية لم يعد لها أي نفع أو مردود على الاقتصاد المغربي، خاصة أنها لم تتعد 50 مليون دولار، وأن هذا راجع بالأساس للتخلي التدريجي لإسبانيا على الغاز الجزائري، وتعويضه بالغاز الأميركي منخفض التكلفة.
ويرى رشيد ساري أن القرار بعدم تجديد اتفاقية أنبوب الغاز بمثابة رسالة واضحة للجميع، بأن المغرب لن يتهاون بأي شكل من الأشكال مع من يمس بوحدة أراضيه.
ويرى الخبير المغربي، أن الجزائر تكرس عداءها المجاني للمغرب، مما سيؤثر كثيرا على مستقبل المغرب العربي، ويضيع عليه أكثر من 4 نقط من معدلات النمو، في حين أن هذه الخطوة لن يكون لها الأثر الكبير، بحكم وجود خط بديل، إلا أنه لن ينفع الجزائر في ظل سياسة التخلي المرحلي عن غازها من طرف إسبانيا.
من ناحيته، قال عبد العزيز الرماني، الخبير الاقتصادي المغربي:
إن الأمر يرتبط بمفاوضات دبلوماسية تجارية إقليمية تضم المغرب العربي وإسبانيا والبرتغال، والأمر لا يرتبط بتوجيه الصفعات.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المغرب لا يوجه صفعات، إنما يأخذ موقعه، وأنه حال اتخاذ مثل هذه الخطوة نتيجة الدفاع عن مصالحه.
ويرى الخبير الاقتصادي أن قضية إبراهيم غالي فتحت الباب أمام الكثير من الحسابات، خاصة أنه من غير المنطقي أن يظل المغرب هو الحائط الحامي أمام عمليات الهجرة لصالح أوروبا، مشددا على أن جميع الأوراق في إطار التموقع الدولي، سواء كانت وقفات أو صفعات يجوز استخدامها.
وأشار إلى أن المغرب لا يربح من مرور الأنبوب سوى مبالغ زهيدة نحو 42 مليون دولار، في حين أن إسبانيا تخسر نحو مليار ونصف إثر إلغاء عملية العبور عبر أراضيها.
وأشار إلى أن الجزائر لديها البديل لتمرير الغاز عبر أنبوبها مع إسبانيا، يمكن أن تقوم نقله من خلاله، إلا أنه لن يعالج الوضع الاقتصادي في الجزائر، خاصة في ظل تدهور الأسعار.
وتستورد "ناترجي" الغاز الجزائري عبر أنبوبين، الأول "ميدغاز" الذي ينطلق من بني صاف إلى ألمرية، والثاني هو أنبوب الغاز "المغرب أوروبا" الذي يمر عبر المغرب.
وكانت الجزائر قد فتحت، في شهر أيار الماضي، خطا ثانيا لتصدير الغاز إلى أوروبا، لا يمر عبر المغرب.
وفي مثل هذه الأيام من العام الماضي، نشرت شركة "CORES" الإسبانية الحكومية، المسؤولة عن إدارة احتياطيات النفط والغاز الإستراتيجية في إسبانيا، رصيدها من الغاز لشهر حزيران 2020.
وكانت واردات النفط الجزائرية هي الضحية الرئيسية لانخفاض الطلب، ففي حزيران 2019 استوردت إسبانيا 0,7 مليار متر مكعب عبر خط "ميدغاز والمغرب العربي - أوروبا"، لتنخفض النسبة في يونيو 2020 الى 0,4 مليار متر مكعب، لتتكبد الجزائر أكبر الخسائر مقارنة مع منافسيها المباشرين في السوق الإسبانية، الولايات المتحدة الأميركية وقطر.
وأدى انهيار أسعار النفط بالنسبة للغاز الطبيعي المسال إلى أن يصبح المصدر الرئيسي للغاز لإسبانيا، مما أدى لاستبعاد خط الأنابيب الجزائري، لتفقد البلاد 50 في المئة من إيراداتها خلال النصف الأول من العام بأكمله، مقارنة بما خسرته بالفترة نفسها من 2019
اخترنا لكم



